منك فكان المعنى هند يزيد فضلها على فضلك فكان أفعل ينتظم معنى الفعل والمصدر والمصدر مذكر فلا طريق إلى تأنيثه وإنما وقع (أفعل) صفة من حيث وقع (فاعل) ؛ لأن فاعل في معنى (يفعل) وقد فسر أبو العباس معنى (منك) إذا قلت : زيد أفضل من عمرو أنه ابتداء فضله في الزيادة من عمرو وقد تقدم هذا في ذكرنا معنى (من) ومواضعها من الكلام فقولك :زيد أفضل (منك) وزيد أفضلكما في المعنى سواء إلا أنك إذا أتيت (بمنك) فزيد منفصل ممن فضلته عليه ، وإذا أضفت فزيد بعض ممن فضلته عليه ، فإن أردت (بأفعل) معنى فاعل ثنيت وجمعت وأنّثت فقلت : زيد أفضلكم والزيدان أفضلاكم والزيدون أفضلوكم وأفاضلكم وهند فضلاكم والهندان فضلياكم والهندات فضلياتكم وفضلكم ، وإذا قلت : زيد الأفضل استغنى عن (من) والإضافة وعلم أنه قد بان بالفضل فهو عند بعضهم إذا أضيف على معنى (من) نكرة وهو مذهب الكوفيين ، وإذا أضيف على معنى اللام معرفة وفي قول البصريين هو معرفة بالإضافة على كل حال إلا أن يضاف إلى نكرة.
الرابع : ما كان حقه أن يكون صفة للأول :
فإن يك من الصفة وأضيف إلى الاسم ، وذلك نحو : صلاة الأولى ومسجد الجامع فمن قال هذا فقد أزال الكلام عن جهته ؛ لأن معناه النعت وحده الصلاة الأولى والمسجد الجامع ومن أضاف فجواز إضافته على إرادة : هذه صلاة الساعة الأولى وهذا مسجد الوقت الجامع أو اليوم الجامع وهو قبيح بإقامته النعت مقام المنعوت ولو أراد به نعت الصلاة والمسجد كانت الإضافة إليهما مستحيلة لأنك لا تضيف الشيء إلى نفسه لا تقول : هذا زيد العاقل والعاقل هو زيد وهذا قول أبي العباس رحمه الله.
وسئل عن قولهم : جاءني زيد نفسه ورأيت القوم كلّهم وعن قول الناس : باب الحديد ودار الآخرة وحقّ اليقين وأشباه ذلك فقال : ليس من هذا شيء أضيف إلا قد جعل الأول من الثاني بمنزلة الأجنبي فإضافته راجعة إلى معنى اللام ومن فأنت قد تقول : له نفس وله حقيقة والكل عقيب البعض فهو منسوب إلى ما يتضمنه الشيء فقد صار الاجتماع فيه كالتبعيض ؛ لأنه محيط بذلك البعض الذي كان منسوبا إليه ألا ترى أنك لو قلت : اخترت من العشرة ثلاثة لكانت إضافة ثلاثة إلى العشرة بعضا صحيحا فقلت : أضفت بعضها فإذا أخذتها كلّها فالكل