وشبه بقوله : هذا لإبن إنسانين عندنا كراما فقال : الجر هاهنا مختلف ولم يشرك الآخر فيما جر الأول ومثل ذلك : هذا جارية أخوي ابنين لفلان كراما ؛ لأن أخوي ابنين اسم واحد والمضاف إليه الآخر منتهاه ولم يأت بشيء من حروف الإشراك ومثل ذلك : هذا فرس أخوي ابنيك العقلاء الحلماء ؛ لأن هذا في المعرفة مثل ذلك في النكرة ولا يجوز إلا النصب على (أعنى) ولا يكون الكرام العقلاء صفة للأخوين والإبنين ولا يجوز أن يجري وصفا لما انجز من وجهين كما لم يجز فيما اختلف إعرابه.
وقال سيبويه : سألت الخليل عن : مررت بزيد وأتاني أخوه أنفسهما فقال : الرفع على هما صاحباي أنفسهما والنصب على (أعنيهما) ولا مدح فيه ؛ لأنه ليس مما يمدح به وقال : تقول : هذا رجل وامرأة منطلقان وهذا عبد الله وذاك أخوك الصالحان لأنهما ارتفعا من وجه وهما اسمان بنيا على مبتدأين وانطلق عبد الله ومضى أخوك الصالحان لأنهما ارتفعا بفعلين معناهما واحد.
والقياس عندي أن يرتفعا على (هما) ؛ لأن الذي ارتفع به الأول غير الذي ارتفع به الثاني ؛ ولكن إن قدرت في معنى التأكيد ورفعت عبد الله بالعطف من الفعل جازت عندي الصفة ولا يجوز : من عبد الله وهذا زيد الرجلين الصالحين رفعت أن نصبت لأنك لا تثني إلا على من أثبته وعرفته فلذلك لم يجز المدح في ذا ولا يجوز صفتهما لأنك من يعلم ومن لا يعلم فتجعلهما بمنزلة واحدة.
قال أبو العباس في قولهم : ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد وما رأيت رجلا أبغض إليه الشر منه إلى زيد قد علمنا أن الإختيار : مررت برجل أحسن منه أبوه ومررت برجل خير منه زيد فما باله لم يجز الرفع في قوله : أحسن في عينه الكحل وأبغض إليه الشر فقال : الجواب في ذلك : أنه إن أراد أن يجعل الكحل الابتداء كان الاختيار.
ما رأيت رجلا أحسن في عينه منه في عين زيد الكحل تقديره : ما رأيت رجلا الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد وما رأيت رجلا الكحل في عينه أحسن منه في عين زيد كل جيد كما تقول : زيد أحسن في الدار منه في الطريق ، وزيد في الدار أحسن منه في الطريق فتقدم في