وسيبويه يجيز نصب : هذا رجل مع امرأة قائمين على الحال ويجيز : مررت برجل مع امرأة منطلقين على الحال أيضا ويحتج بأن الآخر قد دخل مع الأول في التنبيه والإشارة وأنك قد جعلت الآخر في مرورك فكأنك قلت : هذا رجل وامرأة ومررت برجل وامرأة وتجعل ما كان معناهما واحدا على الحال.
وإذا كان معنى ما بينهما يختلف فهو على (أعنى) والقياس المحض يوجب إذا اختلف عاملان في اسمين أو أكثر من ذلك لم يجز أن تثنى صفتهما ولا حالهما لإختلاف العاملين اللذين عملا في الاسمين وكيف يجوز أن يفترقا في الموصوفين ويجتمعا في الصفة ولكن يجوز النصب بإضمار شيء ينتظم المعنيين يجتمعان فيه.
واعلم أنه لا يجوز أن تجيز وصف المعرفة والنكرة كما لا يجوز وصف المختلفين.
وزعم الخليل : أن الرفعين أو الجرين إذا اختلفا فهما بمنزلة الجر والرفع ، وذلك قولك : (هذا رجل وفي الدار آخر كريمين) لأنهما لم يرتفعا من جهة واحدة.
__________________
وذهب بعضهم إلى أن هذا وهم من الكاتب. وقال بعضهم : في كتاب الله أشياء ستصلحها العرب بألسنتها. وهذا القول عند أهل اللغة بعيد جدا لأن الذين جمعوا القرآن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، وهم أهل اللغة وهم القدوة ؛ وهم الذين أخذوه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وجمعوه.
وهذا ساقط عمن لا يعلم بعدهم ، وساقط عمن يعلم ، لأنهم يقتدى بهم ، فهذا مما لا ينبغي أن ينسب إليهم.
والقرآن محكم لا لحن فيه حتى يتكلم العرب بأجود منه في الإعراب. ولسيبويه والخليل وجميع النحويين في هذا باب يسمونه باب المدح ، قد بينوا صحة هذا وجودته.
قال النحويون : إذا قلت مررت بزيد الكريم ، وأنت تريد أن تخلص زيدا من غيره فالخفض هو الكلام ، حتى تعرف زيدا الكريم من زيد غير الكريم. وإذا أردت المدح والثناء فإن شئت نصبت وإن شئت رفعت ، وجاءني قومك المطعمين في المحل والمغيثون في الشدائد ، على معنى أذكر المطعمين وهم المغيثون.
وعلى هذا الآية ؛ لأنه لما قال : بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك علم أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، فقال : والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ، على معنى أذكر المقيمين وهم المؤتون. انظر خزانة الأدب ٢ / ١٢٩.