وقال النابغة :
فليس بمعروف لنا أن نردّها |
|
صحاحا ولا مستنكرا أن تعقّرا (١) |
وما يحتجون به : (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة) فعطف على كل وما ومن ذلك :
أكلّ امريء تحسبين امرأ |
|
ونار توقّد بالليل نارا |
ومذهب سيبويه في جميع هذه أن لا يعطف على عاملين ويذكر أن في جميعها تأويلا يرده إلى عمل واحد ونحن نذكر ما قاله سيبويه في باب (ما) تقول : ما أبو زينب ذاهبا ولا مقيمة أمها ترفع لأنك لو قلت : ما أبو زينب مقيمة أمها لم يجز لأنها ليست من سببه ومثل ذلك قول :الأعور الشني هوّن عليك فأنشد البيتين ورفع ولا قاصر عنك مأمورها وقال : لأنه جعل المأمور من سبب الأمور ولم يجعله من سبب المذكر وهو المنهي ومعنى كلامه أنه لو كان موضع ليس (ما) لكان الخبر إذا تقدم في (ما) على الاسم لم يجز إلا الرفع لا يجوز أن تقول : ما زيد منطلقا ولا خارجا معن ، فإن جعلت في (خارج معن) شيئا من سبب زيد جاز النصب وكان عطفا على الخبر ؛ لأنه يصير خبرا لزيد ؛ لأنه معلق بسبب له فكذلك لو قلت : فما يأتيك منهيها
__________________
(١) وفد الجعديّ على النبي صلّى الله عليه وسلّم مسلما ، وأنشده ، ودعا له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وكان من اول ما أنده قوله في قصيدته الرائية :
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى |
|
ويتلو كتابا كالمجرة نيرا |
وجاهدت حتى ما أحس ومن معي |
|
سهيلا إذا ما لاح ثمّت غوّرا |
أقيم على التقوى وأرضى بفعلها |
|
وكنت من النار المخوفة أحذرا |
إلى أن قال :
وإنا لقوم ما نعوّد خيلنا |
|
إذا ما التقينا أن تحيد وتنفرا |
وننكر يوم الروع ألوان خيلنا |
|
من الطعن حتى تحسب الجون أشقرا |
وليس بمعروف لنا ان نردها |
|
صحاحا ولا مستنكرا أن تعقّرا |
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا |
|
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا |
انظر خزانة الأدب ١ / ٣٦٥.