وهي في موضع نصب ومثل قوله : (لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ : ٢٤] عطف على خبر (إنّ) وعلى (الكل).
قال أبو العباس : وغلط أبو الحسن في الآيتين جميعا ولكن قوله : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الجاثية : ٥] وابتدأ الكلام : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ.)
بعد هذه الآية ، وإن جرّ آيات فقد عطف على عاملين وهي قراءة عطف على (إن) و (في) قال وهذا عندنا غير جائز ؛ لأن الذي تأوله سيبويه بعيد وقال : لأن الرد غير الخيل والعقر راجع إلى الخيل فليس بمتصل بشيء من الخيل ولا داخل في المعنى.
وقال : أما قوله : فليس بآتيك منهيها ولا قاصر عنك مأمورها فهو أقرب قليلا وليس منه ؛ لأن المأمور بعضها والمنهي بعضها وقربه أنهما قد أحاطا بالأمور وقال : وليس يجوز الخفض عندنا إلا على العطف على عاملين فيمن أجازه.
وأما قولهم : ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة فقال سيبويه : كأنك أظهرت كلّ مضمر فقلت : ولا كلّ بيضاء فمذهب سيبويه أنّ (كلّ) مضمرة هنا محذوفة وكذلك :
أكلّ امرىء تحسبين أمرأ |
|
ونار توقّد بالليل نارا (١) |
__________________
(١) نقل الخلاف ابن الأنباريّ في هذه المسألة في" كتابه الإنصاف ، في مسائل الخلاف" فقال : ذهب الكوفيّون إلى أنّه يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف وحرف الخفض ، لضرورة الشعر ،