يذهب إلى أنه حذف (كلّ) بعد أن لفظ بها ثانية وقال : استغنيت عن تثنية (كلّ) لذكرك إياه في أول الكلام ولقلة التباسه على المخاطب قال : وجاز كما جاز في قوله : ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه ، وإن شئت قلت : ولا مثل أخيه فكما جاز في جمع الخبر كذلك يجوز في تفريقه وتفريقه أن تقول : ما مثل عبد الله يقول ذاك ولا أخيه يكره ذاك قال : ومثل ذلك : ما مثل أخيك ولا أبيك يقولان ذلك فلما جاز في هذا جاز في ذاك.
__________________
وذهب البصريّون إلى أنّه لا يجوز ذلك بغيرهما. أما الكوفيّون فاحتجوا بأن قالوا : إنّما قلنا ذلك لأنّ العرب قد استعملته كثيرا في أشعارها ، قال الشاعر :
فزججتها بمزجة ... البيت
وقال الآخر :
تمرّ على ما تستمرّ وقد شفت ... البيت
وقال الآخر : " الطويل"
يطفن بحوزيّ المراتع لم يرع |
|
بواديه من قرع القسيّ الكنائن |
والتقدير من قرع الكنائن القسيّ. وقال : " المنسرح"
وأصبحت بعد خطّ بهجتها |
|
كأنّ قفرا رسومها قلما |
والتقدير بعد بهجتها ، ففصل بين المضاف الذي هو بعد والمضاف إليه الذي هو بهجتها ، بالفعل الذي هو خطّ. وتقدير البيت : فأصبحت قفرا بعد بهجتها كأن قلما خطّ رسومها. وقد حكى الكسائيّ عن العرب : هذا غلام والله زيد. وحكى أبو عبيدة سماعا عن العرب : إنّ الشاة لتجترّ فتسمع صوت والله ربّها. وإذا جاء هذا في الكلام ، ففي الشعر أولى.
وأمّا البصريون فاحتجوا بأن قالوا إنّما قلنا لا يجوز ذلك لأنّ المضاف والمضاف إليه بمنزلة شيء واحد ، فلا يجوز أن يفصل بينهما. وإنّما جاز الفصل بالظرف وحرف الجرّ كما قال ابن قميئة : لله درّ اليوم من لامها وقال أبو حيّة النميريّ : " الوافر"
كما خطّ الكتاب بكفّ يوما |
|
يهوديّ يقارب أو يزيل |
وقال ذو الرمّة : كأن أصوات من إيغالهنّ بنا لآنّ الظرف وحرف الجر يتّسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما.
انظر خزانة الأدب ٢ / ٩٣.