وقد يجوز أن تقول : رجل قائم إذا سألك سائل فقال : أرجل قائم أم امرأة.
فتجيبه فتقول : رجل قائم وجملة هذا أنه إنما ينظر إلى ما فيه فائدة فمتى كانت فائدة بوجه من الوجوه فهو جائز وإلا فلا فإذا اجتمع اسمان معرفة ونكرة فحق المعرفة أن تكون هي المبتدأ وأن تكون النكرة الخبر لأنك إذا ابتدأت فإنما قصدك تنبيه السامع بذكر الاسم الذي تحدثه عنه ليتوقع الخبر بعده فالخبر هو الذي ينكره ولا يعرفه ويستفيده والاسم لا فائدة له لمعرفته به وإنما ذكرته لتسند إليه الخبر وقد يجوز أن تقدم الخبر على المبتدأ ما لم يكن فعلا خاصة فتقول : منطلق زيد وأنت تريد : زيد منطلق (١) ، فإن أردت أن تجعل منطلقا في موضع (ينطلق) فترفع زيدا بمنطلق على أنه فاعل كأنك قلت : ينطلق زيد قبح إلا أن يعتمد اسم الفاعل وهو (منطلق) وما أشبهه على شيء قبله وإنما يجري فجرى الفعل إذا كان صفة جرت على موصوف نحو قولك : مررت برجل قائم أبوه ارتفع (أبوه) (بقائم) أو يكون مبنيا على مبتدأ نحو قولك : زيد قائم أبوه وحسن عندهم : أقائم أبوك وأخارج أخوك تشبيها بهذا إذا اعتمد (قائم) على شيئ قبله فأما إذا قلت قائم زيد فأردت أن ترفع زيدا بقائم وليس قبله ما يعتمد عليه البتة فهو قبيح وهو جائز عندي على قبحه وكذلك المفعول لا يعمل فيه اسم الفاعل مبتدأ غير معتمد على شيء قبله نحو : ضارب وقاتل لا تقول : ضارب بكرا عمرو فتنصب بكرا (بضارب) وترفع عمرا به لا يجوز أن تعمله عمل الفعل حتى يكون محمولا على غيره فتقول : هذا ضارب بكرا جعلوا بين الاسم والفعل فرقا فإذا قلت : قائم أبوك (فقائم) مرتفع بالابتداء وأبوك رفع بفعلهما وهما قد سدا مسد الخبر ولهذا نظائر تذكر في مواضعها إن شاء الله.
فأما قولك : كيف أنت وأين زيد وما أشبهما مما يستفهم به من الأسماء (فأنت وزيد) مرتفعان بالابتداء (وكيف وأين) خبران فالمعنى في : كيف أنت على أي حال أنت وفي : (أين زيد) في أي مكان ولكن الاستفهام الذي صار فيهما جعل لهما صدر الكلام وهو في الحقيقة
__________________
(١) الجامد يتحمل الضمير مطلقا عند الكوفيين ولا يتحمل ضميرا عند البصريين إلا إن أول بمشتق وأن المشتق إنما يتحمل الضمير إذا لم يرفع ظاهرا وكان جاريا مجرى الفعل نحو زيد منطلق أي هو ، فإن لم يكن جاريا مجرى الفعل لم يتحمل شيئا نحو هذا مفتاح وهذا مرمى زيد. انظر شرح ابن عقيل ١ / ٢٠٦.