يصح سماع الشيء عن العرب لجىء فيه إلى القياس ولا يجيزون أيضا : كان أبوه قائم زيد.
وكان أبوه زيد أخوك ، وكان أبوه يقوم أخوك ، هذا خطأ عندهم لتقديم المكنى على الظاهر.
وهذا جائز عندنا لأنك تقدم المكنى على الظاهر في الحقيقة وقد مضى تفسير المكنى : أنه إذا كان في غير موضعه وتقدم جاز تقدمه ؛ لأن النية فيه أن يكون متأخرا والذي لا يجوز عندنا أن يكون قد وقع في موقعه وفي مرتبته فحينئذ لا يجوز أن ينوى به غير موضعه ولأصول التقديم والتأخير موضع يذكر فيه إن شاء الله ولا يحسن عندي أن تقول : (آكلا كان زيد طعامك (١)) من أجل أنك فرقت بين آكل وبين ما عمل فيه بعامل آخر ومع ذلك فيدخل لبس في بعض الكلام وإنما يحسن مثل هذا في الظروف نحو قولك : راغبا كان زيد فيك لإتساعهم في الظروف وأنهم جعلوا لها فضلا على غيرها في هذا المعنى ولا أجيز أيضا : آكلا كان زيد أبوه طعامك أريد به : كان زيد آكلا أبوه طعامك للعلّة التي ذكرت لك بل هو هاهنا أقبح لأنك فرقت بين (آكل) وبين ما أرتفع به وفي تلك المسألة إنما فرقت بينه وبين ما انتصب به والفاعل ملازم لا بد منه والمفعول فضلة وقوم لا يجيزون : كان خلفك أبوه زيد وهو جائز عندنا وقد مضى تفسيره ويقولون : لا يتقدم (كان) فعل ماض ولا مستقبل.
__________________
(١) لا يجوز أن يلي الأفعال النّاقصة معمول خبرها إلّا إذا كان ظرفا أو جارّا ومجرورا سواء أتقدّم الخبر على الاسم أم لا (جمهور البصريين يمنعون مطلقا إلا في الظرف والمجرور لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي منها ، والكوفيون يجيزون مطلقا ؛ لأن معمول معمولها في معنى معمولها ، وفصّل ابن السّرّاج والفارسيّ البصريان فأجازاه إن تقدّم وحده نحو" كان طعامك آكلا زيد" ؛ لأن المعمول من كمال الخبر ، ومنعوه إن تقدّم وحده نحو" كان طعامك زيد آكلا" إذ لا يفصل بين الفعل ومرفوعه بأجنبي ، واحتج الكوفيون بنحو قول الفرزدق :
قنافذ هدّاجون حول بيوتهم |
|
بما كان إيّاهم عطيّة عوّدا |
ووجه الحجّة أن" إياهم" معمول عوّد ، وعوّد خبر كان ، فقد ولي" كان" معمول خبرها وليس ظرفا ولا جارّا ولا مجرورا و" هدّاجون" من الهدجان وهي مشية الشّيخ و" عطيّة" أبو جرير ، وخرّج هذا البيت عن زيادة" كان" أو أنّ اسمها ضمير الشّأن ، و" عطيّة" مبتدأ و" عوّد" الجملة خبر) ، فلا تقول : " كان إيّاك علي مكرما" ولا" كان إيّاك مكرما عليّ" وتقول باتفاق النحاة" كان عندك عليّ جالسا" وكان في البيت أخوك نائما". انظر معجم القواعد العربية ٨ / ٢٣.