وما جاز أن يكون خبرا فالقياس لا يمنع من تقديمه إذا كانت الأخبار تقدم إلا أني لا أعلمه مسموعا من العرب ولا يتقدم خبر (ليس) قبلها لأنها لم تصرف تصرف (كان) لأنك لا تقول : منها يفعل ولا فاعل وقد شبهها بعض العرب ب (ما) فقال : ليس الطيب إلا المسك فرفع وهذا قليل فإذا أدخلت على (ليس) ألف الاستفهام كانت تقريرا ودخلها معنى الإيجاب فلم يجىء معها أحد ؛ لأن أحدا إنما يجوز مع حقيقة النفي لا تقول : أليس أحد في الدار ؛ لأن المعنى يؤول إلى قولك : أحد في الدار وأحد لا يستعمل في الواجب ولذلك لا يجوز أن تجيء إلا مع التقرير لا يجوز أن تقول فيها ؛ لأن المعنى يؤول إلى قولك : زيد إلا فيها وذا لا يكون كلاما وقد أدخلوا الباء في خبر (ليس) توكيدا للنفي تقول : ألست بزيد ولست بقائم (١) : وقالوا : أليس إنما قمت ولا يجيء (إنما) إلا مع إدخال الألف كذا حكى وتقول : ليس عبد الله بحسن ولا كريما فتعطف (كريما) على (بحسن) ؛ لأن موضعه نصب وإنما تدخل الباء هنا تأكيدا للنفي.
وتقول : ليس عبد الله بذاهب ولا خارج عمرو على أن تجعل عمرا (مبتدأ) وخارجا خبره ولك أن تنصب فتقول : ليس عبد الله بذاهب ولا خارجا عمرو على أنه معطوف على خبر (ليس) قبل الباء ولا يحسن ليس عبد الله بذاهب ولا خارج زيد فتجر بالباء ويرتفع زيد ب (ليس) لا يجوز هذا لأنك قد عطفت بالواو على عاملين وإنما تعطف حروف العطف على عامل واحد ولكن تقول : ليس زيد بخارج ولا ذاهب أخوه فتجري (ذاهبا) على (خارج) ، وترفع الأخ ب (ذاهب) ؛ لأنه ملبس ب (زيد) وهو من سببه فكأنك قلت : ليس زيد ذاهب ولا خارج ولو حملت (الأخ) على (ليس) لم يجز من أجل أنك تعطف على عاملين على (ليس) وهي
__________________
(١) تزاد الباء بكثرة في خبر" ليس" نحو : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ) (الآية : ٣٦ سورة الزمر). وقد تزاد بقلّة بخبر كلّ ناسخ منفيّ كقول الشّنفرى :
وإن مدّت الأيدي إلى الزّاد لم أكن |
|
بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل |
انظر معجم القواعد العربية ٩ / ٢٣.