كأنّ مثالَ من يفنى ويبقى |
|
رعيلٌ سوف يتلوهُ رعيلُ |
فهم ركبٌ وليس لهم ركابٌ |
|
وهم سَفْرٌ وليس لهم قُفولُ (١) |
تدور عليهمُ كأسُ المنايا |
|
كما دارت على الشَّرب الشمولُ |
ويحدوهم إلى الميعادِ حادٍ |
|
ولكن ليس يقدمُهم دليلُ |
ألم ترَ من مضى من أوّلينا |
|
وغالتهم من الأيّام غولُ |
قد احتالوا فما دفعَ الحويلُ |
|
وأعولْنا فما نفعَ العويلُ |
كذاك الدهرُ أعمارٌ تزولُ |
|
وأَحوالٌ تحولُ ولا تؤولُ |
لنا منه وإن عفنا وخِفنا |
|
رسولٌ لا يُصاب لديه سولُ (٢) |
وقد وضحَ السبيلُ فما لخلقٍ |
|
إلى تبديله أبداً سبيلُ |
لعمرك إنّه أمدٌ قصيرٌ |
|
ولكن دونه أمدٌ طويلُ |
أرى الإسلام أسلمهُ بنوه |
|
وأسلمهم إلى وَلهٍ يهولُ |
أرى شمسَ النهارِ تكادُ تخبو |
|
كأنّ شعاعَها طرْفٌ كليلُ |
أرى القمرَ المنيرَ بدا ضئيلاً |
|
بلا نورٍ فأضناه النحولُ |
أرى زُهْرَ النجومِ محدّقاتٍ |
|
كأنّ سراتَها عُورٌ وحُولُ |
أرى وجهَ الزمانِ وكلَّ وجهٍ |
|
به ممّا يكابدُه فلولُ |
أرى شُمَّ الجبالِ لها وجيبٌ |
|
تكادُ تذوبُ منه أو تزولُ |
وهذا الجوُّ أكلَفُ مقشعِرٌّ |
|
كأنّ الجوَّ من كمدٍ عليلُ (٣) |
وهذي الريح أطيبُها سمومٌ |
|
إذا هبّت وأعذبُها بليلُ |
وللسحبِ الغزارِ بكلِّ فجٍ |
|
دموعٌ لا يذادُ بها الُمحولُ |
نعى الناعي إلى الدنيا فتاها |
|
أمينَ الله فالدنيا ثكولُ |
__________________
(١) السَّفْر : المسافرون.
(٢) مخفّف (سؤل) وهو الطلب والحاجة.
(٣) أكلف : تغيّر لونه وتكدّر.