نعى كافي الكفاة فكلُّ حرٍّ |
|
عزيزٍ بعد مصرعه ذليلُ |
نعى كهفَ العُفاةِ فكلُّ عينٍ |
|
بما تقذى العيون به كحيلُ |
كأنّ نسيمَ تربتِهِ سحيراً |
|
نسيمُ الروضِ تقبلُه القبولُ |
إذا وافى أُنوفَ الركبِ قالوا |
|
سحيقُ المسكِ أم تُربٌ مَهيلُ |
أيا قمرَ المكارمِ والمعالي |
|
أبِن لي كيف عاجلَكَ الأُفولُ |
أبِن لي كيف هالَكَ ما يهول |
|
وغالَكَ بعد عزِّك ما يغولُ |
ويا من ساس أشتات البرايا |
|
وألجم من يقول ومن يصولُ |
أَدَلتَ على الليالي من شكاها |
|
وقد جارت عليك فمن يُديلُ |
بكاك الدينُ والدنيا جميعاً |
|
وأهلهما كما يُبكى الحمولُ (١) |
بكتكَ البيضُ والسمْرُ المواضي |
|
وكنتَ تعولها فيمن تعولُ |
بكتك الخيلُ مُعوِلةً ولكن |
|
بُكاها حين تندبُكَ الصهيلُ |
قلوبُ العالمينَ عليكَ قلبٌ |
|
وحظُّكَ من بكائهمُ قليلُ |
ولي قلبٌ لصاحبه وفيٌ |
|
يسيلُ وتحتَهُ روحٌ تسيلُ |
إذا نظمتْ يدي في الطرسِ بيتاً |
|
محاهُ منه منتظمٌ هَطُولُ |
فإن يكُ ركَّ شعري من ذهولي |
|
فذلك بعضُ ما يجني الذهولُ |
كتبتُ بما بكيتُ لأنّ دمعي |
|
عليك الدهرَ فيّاضٌ هَمولُ |
وكنتُ أَعُدُّ من روحي فداءً |
|
لروحِكَ إن أُريدَ لها بديلُ |
أأحيا بعدَهُ وأقرُّ عيناً |
|
حياتي بعدَهُ هدرٌ غلولُ |
حياتي بعدَهُ موتٌ وَحِيٌ |
|
وعيشي بعده سمٌّ قَتولُ (٢) |
عليك صلاةُ ربِّك كلَّ حينٍ |
|
تهبُّ بها من الخلد القبولُ |
__________________
(١) الحمول : الميت الذي يُحمَل.
(٢) الوَحيّ : السريع.