الإمام ـ صلوات الله عليه ـ يقول له : قد ورد عليك الليلة أربعون فقيراً من جملتهم رجلٌ يقال له : طلائع بن رزّيك من أكبر محبّينا ، فقل له : اذهب فإنّا قد ولّيناك مصر. فلمّا أصبح أمر من ينادي : مَن فيكم اسمه طلائع بن رزّيك؟ فليقم إلى السيّد ابن معصوم.
فجاء طلائع إلى السيّد وسلّم عليه فقصَّ عليه رؤياه ، فرحل إلى مصر وأخذ أمره في الرقيّ ، فلمّا قتل نصر بن عبّاس الخليفة الظافر إسماعيل استثارت نساء القصر لأخذ ثاراته بكتاب في طيّه شعورهنّ ، فحشد طلائع الناس يريد النكبة بالوزير القاتل ، فلمّا قرب من القاهرة فرَّ الرجل ودخل طلائع المدينة بطمأنينة وسلام ، فخلعت عليه خلائع الوزارة ، ولُقّب بالملك الصالح ، فارس المسلمين ، نصير الدين ، فنشر الأمن وأحسن السيرة. ثمّ ذكر حديث قتله (١) ، وقال : كان شجاعاً كريماً جواداً فاضلاً محبّا لأهل الأدب جيّد الشعر رجل وقته فضلاً وعقلاً وسياسةً وتدبيراً ، وكان مهاباً في شكله ، عظيماً في سطوته ، وجمع أموالاً عظيمة ، وكان محافظاً على الصلوات فرائضها ونوافلها ، شديد المغالاة في التشيّع ، صنّف كتاباً سمّاه الاعتماد في الردّ على أهل العناد ، جمع له الفقهاء وناظرهم عليه وهو يتضمّن إمامة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، وله شعر كثير يشتمل على مجلّدين في كلّ فنّ ، فمنه في اعتقاده :
يا أمّةً سلكت ضلالاً بيّناً |
|
حتى استوى إقرارها وجحودُها |
قلتم ألا إنّ المعاصي لم تكن |
|
إلاّ بتقدير الإله وجودُها |
لو صحَّ ذا كان الإلهُ بزعمِكمْ |
|
منَع الشريعةَ أن تُقامَ حدودُها |
حاشا وكلاّ أن يكون إلهنا |
|
ينهى عن الفحشاء ثمّ يريدُها |
__________________
سيّداً شريفاً جليلاً عظيم الشأن رفيع المنزلة ، كان في المشهد الغروي كبيراً عظيماً ذا جاه وحشمة ورفعة وعزّ واحترام ، عليه سكينة ووقار. انتهى. وهو جدّ الأسرة الكريمة النجفية المعروفة اليوم ببيت خرسان. (المؤلف)
(١) راجع كتابنا شهداء الفضيلة : ص ٥٨. (المؤلف)