وله قصيدة سمّاها الجوهريّة في الردّ على القدريّة.
ثمّ قال : ويُروى أنّه لمّا كانت الليلة التي قُتل في صبيحتها قال : هذه الليلة ضرب في مثلها الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام وأمر بقراءة مقتله ، واغتسل وصلّى مائة وعشرين ركعة أحيا بها ليله ، وخرج ليركب فعثر وسقطت عمامته ، واضطرب لذلك وجلس في دهليز دار الوزارة ، فأحضر ابن الصيف ، وكان يلفُّ عمائم الخلفاء والوزراء وله على ذلك الجاري الثقيل ، ليصلح عمامته ، وعند ذلك قال له رجلٌ : إنّ هذا الذي جرى يُتطيّر منه ، فإن رأى مولانا أن يُؤخِّر الركوب فعل.
فقال : الطيرة من الشيطان وليس إلى التأخير سبيل. ثمّ ركب فكان من أمره ما كان.
وقال (١) في (٢ / ٢٨٤) : قال ابن عبد الظاهر : مشهد الإمام الحسين ـ صلوات الله عليه ـ قد ذكرنا أنّ طلائع بن رزّيك ـ المنعوت بالصالح ـ كان قد قصد نقل الرأس الشريف من عسق لان (٢) لما خاف عليها من الفرنج ، وبنى جامعه خارج باب زويلة ليدفنه به ويفوز بهذا الفخار ، فغلبه أهل القصر على ذلك وقالوا : لا يكون ذلك إلاّ عندنا فعمدوا إلى هذا المكان وبنوه له ونقلوا الرخام إليه ، وذلك في خلافة الفائز على يد طلائع في سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
وسمعت من يحكي حكاية يُستدَلُّ بها على بعض شرف هذا الرأس الكريم المبارك ، وهي أنّ السلطان الملك الناصر رحمهالله لمّا أخذ هذا القصر ، وشي إليه بخادم له قدَر في الدولة المصريّة وكان بيده زمام القصر وقيل له : إنّه يعرف الأموال التي بالقصر والدفائن ، فأُخذ وسُئل فلم يجب بشيء وتجاهل ، فأمر صلاح الدين نوّابه
__________________
(١) الخطط والآثار : ١ / ٤٢٧.
(٢) مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر يقال لها : عروس الشام [معجم البلدان ٤ / ١٢٢]. (المؤلف)