إن أخّرتْني عن جنابكِ محنةٌ |
|
بأقلَّ منها تُبسَطُ الأعذارُ |
فلديَّ من حسنِ الولاء عقيدةٌ |
|
يرضيك منها الجهرُ والإسرارُ |
وقال يرثيه ويمدح ولده الملك الناصر العادل بن الصالح ، وأنشدها في مشهده بالقرافة في شعبان سنة سبع وخمسين وخمسمائة :
أرى كلَّ جمع بالردى يتفرّقُ |
|
وكلَّ جديدٍ بالبلى يتمزّقُ |
وما هذه الأعمارُ إلاّ صحائفٌ |
|
تؤرَّخُ وقتاً ثمّ تُمحى وتُمحَقُ |
ومنها :
ولمّا تقضّى الحولُ إلاّ ليالياً |
|
تضافُ إلى الماضي قريباً وتلحقُ |
وعجنا بصحراءِ القرافةِ والأسى |
|
يغرِّبُ في أكبادِنا ويُشرِّقُ |
عقدنا على ربِّ القوافي عقائلاً |
|
تغرُّ إذا هانت جيادٌ وأينُقُ |
وقلنا له خذْ بعضَ ما كنتَ منعِماً |
|
به وقضاءُ الحقِّ بالحرِّ أليقُ |
عقودُ قوافٍ من قوافيك تُنتقى |
|
ودرُّ معانٍ من معانيك يُسرَقُ |
نثرنا على حصباءِ قبرِكَ درَّها |
|
صحيحاً ودرُّ الدمع في الخدّ يفلقُ |
ويقول فيها :
وجدناكمُ يا آلَ رُزّيكَ خيرَ من |
|
تنصُّ إليه اليعملات وتعنقُ |
وفدنا إليكم نطلبُ الجاهَ والغنى |
|
فأُكرِمَ ذو مثوى وأُغني مملقُ |
وعلّمتمونا عزّةَ النفسِ بالندى |
|
وملقى وجوهٍ لم يَشنْها التملّقُ |
وصيّرتمُ الفسطاطَ بالجود كعبةً |
|
يطوف بركنيها العراق وجِلّقُ (١) |
فلا سِترُكم عن مرتَجٍ قطُّ مرتجٌ |
|
ولا بابُكمْ عن معلقِ الحظِّ مغلقُ |
وليس لقلبٍ في سواكمْ علاقةٌ |
|
ولا ليَدٍ إلاّ بكم متعلّقُ |
__________________
(١) جِلِّق بكسرتين وتشديد اللام ـ : اسم لكورةِ الغوطة كلّها ، وقيل : بل هي دمشق نفسها [معجم البلدان : ٢ / ١٥٤]. (المؤلف)