وعليه ، وصمّم عزم الرحيل إلى وطنه بالنيل ، ولقيته بعد ذلك في سنة أربع وخمسين بالهماميّة. انتهى.
وإشارة العماد إلى أنّه كان شابّا من فلتات الشباب.
ويلوح لنا من أثناء هذا الخبر أنّ ابن العودي كان ـ مع تحريره إنشاده لاسترفاده ـ أبيّ النفس ، معتدّا بشعره ، والشاعر الأبيُّ المسترفد لا يورثه إباؤه إلاّ الحرمان وإساءة الزمان.
ومن شعره الذي نقله قطب الدين أبو يعلى محمد بن عليّ بن حمزة العلوي الأقساسي ، تغزّله بامرأة نصف ـ أي متوسطة العمر ـ :
أبى القلب إلاّ أمَّ فضلٍ وإن غدتْ |
|
تُعَدُّ من النصف الأخيرِ لداتُها |
لقد زادها عندي المشيبُ ملاحةً |
|
وإن زعم الواشي وساءَ عداتُها |
فإن غيّرت منها الليالي ففي الحشا |
|
لها حُرَقٌ ما تنطفي زفراتُها |
فما نال منها الدهرُ حتى تكاملت |
|
كمالاً وأعيى الواصفين صفاتُها |
سبتني بفرعٍ فاحمٍ وبمقلةٍ |
|
لها لحظاتٌ ما تُفَكُّ عناتُها |
وثغرٌ زهتْ فيه ثنايا كأنّها |
|
حصى بَرَدٍ تشفي الصدارَ (١) شفاتُها |
ولمّا التقينا بعد بُعدٍ من النوى |
|
وقد حان نحوي بالسلام التفاتُها |
رأيتُ عليها للجمال بقيّةً |
|
فعاد لنفسي في الهوى نشواتُها |
وأنشد القاضي عبد المنعم بن مقبل الواسطي له :
همأقعدوني في الهوى وأقاموا |
|
وأبلوا جفوني بالسهادِ وناموا |
وهمْ تركوني للعتاب دريئةً |
|
أؤنَّب في حبّيهمُ وأُلامُ |
__________________
(١) وفي نسخة قاضي القضاة الشافعية بالديار المصرية عبد العزيز بن جماعة : تسقى الصدار سفاتها. قال الأميني : ما في المتن والهامش فيه تصحيف والصحيح : تشفي الصدى رشفاتها. (المؤلف)