ولو انصفوا في الحبّ قسمة بيننا (١) |
|
لهاموا كما بي صبوةٌ وهيامُ |
ولكنّهم لمّا استدرّ لنا الهوى |
|
كرمْتُ بحفظي للوداد ولاموا |
ولمّا تنادوا للرحيلِ وقُوِّضتْ |
|
لِبَيْنِهمُ بالأبرقين خيامُ |
رميتُ بطرفي نحوهمْ متأمِّلاً |
|
وفي القلبِ منّي لوعةٌ وضرامُ |
وعدتُ وبي ممّا أجنّ صبابةٌ |
|
لها بين أثناءِ الضلوعِ كِلامُ |
إذا هاج بي وجدٌ وشوقٌ كأنّما |
|
تضمّر أعشارَ الفؤادِ سهامُ |
ولائمةٍ في الحبِّ قلت لها اقصري |
|
فمثليَ لا يُسلي هواه ملامُ |
أأسلو الهوى بعد المشيبِ ولم يزلْ |
|
يصاحبُني مذ كنتُ وهو غلامُ |
ولمّا جزعنا الرملَ رملَ عنيزةٍ |
|
وناحتْ بأعلى الدوحتينِ حَمامُ |
صبوت اشتياقاً ثمَّ قلتُ لصاحبي |
|
ألا إنّما نَوحُ الحَمام حِمامُ |
تجهّز لبينٍ أو تسلَّ عن الهوى |
|
فما لك من ليلي الغداةَ لمامُ |
وكيف يُرجّى النولُ عند بخيلةٍ |
|
ترومُ الثريّا وهي ليس تُرامُ |
مهفهفةُ الأعطافِ أمّا جبينُها |
|
فصبحٌ وأمّا فرعُها فظلامُ |
فيا ليت لي منها بلوغاً إلى المنى |
|
حلالاً فإن لم يُقضَ لي فحرامُ |
وهذه المعاني التي أودعها ابن العودي قصيدة مألوفة متعالمة بين الشعراء ، إلاّ أنّ نسج شعره عربيٌّ بحتٌ يضفي على تلك المعاني ما لا يستطيعه النسج السابري ؛ وقد نقل الصفدي أبياتاً من هذه القصيدة (٢) ومن غيرها من شعر ابن العودي وذكر : أنّ شعره متوسّط. ولا نرى في هذا الحكم حنقاً فإنّه متوسطٌ حقّا من حيث المعاني ، ولكنّه في حبكه وتأليفه من الطبقة الأولى ؛ فإنّ العرب تنظر إلى المباني قبل المعاني ، بحكم ما في لغتها من موسيقى وجرس ورنين ، وهذا لا يعني أنّها تقرّ من النظم ما لا
__________________
(١) وفي نسخة صلاح الدين الصفدي [الوافي بالوفيات : ١٥ / ٨٨ رقم ١١٦] : ولو أنصفوني قسمة الحبّ بيننا. (المؤلف)
(٢) الوافي بالوفيات : ١٥ / ٨٧ رقم ١١٦.