معنى له ؛ لأنّ شرط صحّة المباني احتواؤها على صحّة المعاني كائنةً ما كانت.
وقد نظم ابن العودي في الشعر المذهبيّ الذي أكثر منه : السيّد الحميري ، وابن حمّاد ، والعوني ، والناشئ الأصغر ، وابن عَلّويه الأصفهاني (١) ، والورّاق القمّي. ولما دخل ابن شهرآشوب العراق في أواسط القرن السادس ألفى شعر ابن العودي في المذهب تستهديه الآذان أفواه الشداة والمنشدين ، فضمّن كتابه مناقب آل أبي طالب شيئاً منه (٢) وكثيراً من شعر الناظمين في المذهب. وبعد ترك ابن شهرآشوب العراق إلى الشام حدثت ببغداد فتن مذهبيّه ووثب الحنابلة كعادتهم بأعدائهم في المذهب ، فأحرقوا كتبهم وفيها دواوين شعرائهم واضطهدوهم اضطهاداً فظيعاً ، فضاع كلُّ ذلك الأدب غثّه وسمينه وصار طعمةً للنار ، والظاهر أنّ ذلك الضرب من النظم في شعر ابن العودي هو الذي حمل محبّ الدين محمداً المعروف بابن النجّار البغدادي على أن يقول في ترجمة ابن العودي : كان رافضيّا خبيثاً يهجو الصحابة.
ومن شعر ابن العودي في إقامته مدّة بواسط :
يؤرّقني في واسطٍ كلَّ ليلةٍ |
|
وساوسُ همٍّ من نوىً وفراقِ |
فيا للهوى هل راحمٌ لمتيّمٍ |
|
يعلُّ بكأسٍ للفراقِ دهاقِ |
خليليَّ هل ما فاتَ يُرجى وهل لنا |
|
على النأيِ من بعد الفراقِ تلاقي |
فإن كنت أُبدي سلوةً عن هواكمُ |
|
فإنّ صباباتي بكم لبواقي |
ألا يا حماماتٍ على نهرِ سالمٍ |
|
سلمتِ ووقّاكِ التفرُّقَ واقي |
تعالينَ نُبدِ النوحَ كلٌّ بشجوِهِ |
|
فإنّ اكتتامَ الوجدِ غيرُ مطاقِ |
على أنّ وجدي غيرُ وجدِكَ في الهوى |
|
فدمعيَ مهراقٌ ودمعُك راقي |
__________________
(١) مرّت تراجم هؤلاء الشعراء الخمسة في الجزء الثاني والثالث والرابع من كتابنا هذا ، وكلّهم من شعراء الغدير. (المؤلف)
(٢) مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣١١ ، ٣٣٠ و ٢ / ٤٧ و ٣ / ٤٢٣ ، ٤٥٠ و ٤ / ٣٦٠.