وما كنت أدري بعد ما كان بينَنا |
|
من الوصلِ أنّي للفراقِ مُلاقي |
فها أنتِ قد هيّجتِ لي حُرَقَ الجوى |
|
وأبديتِ مكنونَ الهوى لوفاقي |
وأسهرتِني بالنوحِ حتى كأنّما |
|
سقاكِ بكاساتِ التفرُّق ساقي |
فلا تحسبي أنّي نزعتُ عن الهوى |
|
وكيف نزوعي عنه بعد وفاقي |
ولكنّني أخفيتُ ما بي من الجوى |
|
لكي لا يرى الواشون ما أنا لاقِ |
قال الشريف قطب الدين أبو يعلى محمد بن عليّ بن حمزة : أنشدني الربيب أبو المعالي سالم بن العودي في منزلي مستهلّ صفر سنة خمسين وخمسمائة :
ما حبستُ الكتابَ عنك لهجرٍ |
|
لا ولا كان ذاكمُ عن تجافي |
غير أنّ الزمانَ يُحدِث للمر |
|
ء أموراً تنسيه كلّ مصافي |
شِيَمٌ مرّت الليالي عليها |
|
والليالي قليلةُ الإنصافِ |
وهذه أبيات حكميّة كريمة منتزعة معانيها من صميم الحقيقة الحيويّة.
وقال الحسن بن هبة الله التغلبي المعروف بابن مصري الدمشقي : أنشدني أبو المعالي سالم بن عليّ العودي لنفسه :
دعِ الدنيا لمن أمسى بخيلا |
|
وقاطعْ من تراه لها وَصولا |
ولا تركنْ إلى الأيّام واعلم |
|
بأنّ الدهرَ لا يُبقي جليلا |
فكم قد غرّتِ الدنيا أُناساً |
|
وكم قد أقنتِ الدنيا قبيلا |
وما هذي الحياةُ وإن تراخت |
|
بممتعةٍ بها إلاّ قليلا |
فويلٌ لابن آدمَ من مقامٍ |
|
يكون به العزيزُ غداً ذليلا |
قال : وأنشدني أبو المعالي لنفسه :
أأُخيَّ إنّك ميّتٌ |
|
فدعِ التعلّلَ بالتمادي |
لا تركننّ إلى الحيا |
|
ة فإنّ عزّك في نفادِ |