لا أطيقها ولا هو ، فأته وحدّثه بذلك.
دع ابن عمر يصوّر لبعث عثمان إلى مكة صورة مكبّرة من أنّه لم يبعثه إلاّ لأنّه أعزّ من في بطن مكة (١) ، فإنّ الواقف على القصّة جدّ عليم بأنّ تلك البعثة ما كانت لها صلة بالعزّة والذلّة ، فإنّها كانت إلى أبي سفيان يريد بها التخفيف من وطأته في استهواء قريش ، واستهدائه على استثارتها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان طبع الحال يستدعي أن يبعث إليه رجلاً من حامّته ؛ يأمن من بطشه ، ويؤمّل تنازله له لما بينهما من واشجة الرحم والقرابة ، ولذلك انتخب لها عثمان ، إن لم يقل القائل : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما بعثه ليغيب عن بيعة الرضوان وفضلها ، حتى لا يقال غداً : إنّ عدول الصحابة قد أجمعت على قتل رجل من أهل بيعة الرضوان.
هاهنا ننهي البحث عن حديث المفاضلة ـ الذي جاء به ابن عمر وصحّحه البخاري (٢) ـ وأنّه باطل لا يعتمد عليه ، يخالف الكتاب والسنّة والعقل والقياس والإجماع والمنطق ، ونرجع إلى بقيّة ما جاء في المناقب.
٥ ـ عن أنس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان على حراء وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أثبت حراء ، فما عليك إلاّ نبيّ وصدّيق وشهيدان.
قال الأميني : أخرجه الخطيب في تاريخه (٥ / ٣٦٥) من طريق محمد بن يونس الكديمي ، ذلك الكذّاب الوضاع الذي وضع على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر من ألف حديث ، كما مرّ في الجزء الخامس في سلسلة الكذّابين (ص ٢٦٦) ، وفي هذا الجزء فيما يأتي.
عن قريش بن أنس الأموي البصري. قال ابن حبّان (٣) : اختلط فظهر في
__________________
(١) كما مرّ في : ص ٧٠. (المؤلف)
(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٣٧ ح ٣٤٥٥ ، ص ١٣٥٢ ح ٣٤٩٤.
(٣) كتاب المجروحين : ٢ / ٢٢٠.