والقائل أحبّ الناس إليّ من الرجال عليّ؟ والقائل : عليّ أحبّهم إليّ وأحبّهم إلى الله؟
هلاّ كانت الصحابة يعرفون أحبّ الناس إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد تلكم الآيات والنصوص النبويّة الواردة في مولانا عليّ أمير المؤمنين؟ أما صحّ عن عائشة قولها : والله ما رأيت أحداً أحبّ إلى رسول الله من عليّ ، ولا في الأرض امرأة كانت أحبّ إليه من امرأته؟
وهلاّ صحّح الحفّاظ قول بريدة وأبيّ بن كعب : أحبّ الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من النساء فاطمة ومن الرجال عليّ (١).
ثم ما الذي أنسى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعاظم صحابته الذين نزل فيهم القرآن وأثنى صلىاللهعليهوآلهوسلم عليهم بما لا يزيد عليه ، كعمّه العباس ، وأبي ذر ، وعمّار ، والمقداد ، وابن مسعود ، إلى آخرين من أمثالهم؟ وما الذي بخس حظّهم من حبّ نبيّهم الأقدس إيّاهم مع تلكم الفضائل والفواضل الجمّة ، ولا يدانيهم فيها غيرهم حتى جُلّ المذكورين إن لم نقل كلّهم غير سيّد العترة؟
أفي وسع الباحث أن يرى أبا عبيدة حفّار القبور ـ مثلاً ـ أحبّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أبي ذرّ الصدّيق شبيه عيسى في أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم هدياً ، وبرّا ، ونسكاً ، وزهداً ، وصدقاً ، وجدّا ، وخلقاً ، وخُلقاً؟ من أبي ذرّ الذي كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يدنيه دون أصحابه إذا حضر ، ويتفقّده إذا غاب (٢).
أو من عمّار جلدة ما بين عيني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنفه. الطيّب المطيّب الذي مُلئ إيماناً إلى مُشاشه ، الذي خُلط الإيمان ما بين قرنه إلى قدمه ، خُلط الإيمان بلحمه ودمه ، الذي كان مع الحقّ والحقّ معه ، يدور مع الحقّ أينما دار (٣).
__________________
(١) راجع ما أسلفناه في الجزء الثالث : ص ٢١ ـ ٢٤. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء الثامن : ص ٣١٥ ـ ٣٢٦ الطبعة الأولى و ٣٠٨ ـ ٣١٩ الطبعة الثانية. (المؤلف)
(٣) راجع الجزء التاسع : ص ٢٠ ـ ٢٧. (المؤلف)