وقال له عمر يوم طعن : أمّا أنت يا زبير فَوَعِق لقس (١) مؤمن الرضا ، كافر الغضب ، يوماً إنسان ، ويوماً شيطان ، ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير ، أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطاناً؟ ومن يكون يوم تغضب؟ وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمّة وأنت على هذه الصفة (٢).
وقال له أيضاً : أمّا أنت يا زبير فو الله مالان قلبك يوماً ولا ليلة ، وما زلت جلْفاً جافياً (٣).
وهل طلحة هذا هو الذي قتل عثمان ، وحال بينه وبين الماء ، ومنعه عن أن يُدفن في جبانة المسلمين ، وقتله مروان أخذاً بثار عثمان ، وهما بعد من العشرة المبشّرة؟ غفرانك اللهمّ وإليك المصير.
وهل طلحة هذا هو الذي أقام عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام عليه الحجّة يوم الجمل باستنشاده إيّاه حديث الولاية «من كنت مولاه فعليّ مولاه» فاعتذر بما اعتذر من نسيانه الحديث ، لكنّه لم يرتدع بعد عن غيّه بمناصرة أمير المؤمنين مع بيعته إيّاه ، ولا فوّض الحقّ إلى أهله حتى أتى عليه سهم مروان فجرّعه منيّته ، وهو الخارج على إمام وقته! أفهل ترى الإمام والخارج عليه كلاّ منهما في الجنّة؟
وهل طلحة هذا هو الذي نزل فيه قوله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) الأحزاب : ٥٣.
نزلت الآية الشريفة لمّا قال طلحة : أيحجبنا محمد عن بنات عمّنا ويتزوّج
__________________
(١) الوعِق : سيّىء الخُلُق. اللقِس : شره النفس ، الحريص على كلّ شيء.
(٢) شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٦٢ [١ / ١٨٥ خطبة ٣]. (المؤلف)
(٣) شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ١٧٠ [١٢ / ٢٥٩ خطبة ٢٢٣]. (المؤلف)