في جزيرة من جزائر البحر ، فيها أشجار كثيرة ، ولها ثمر أحلى من الشهد وألين من الزبد ، وفيها نهر عذب ، فحمدت الله على ذلك ، وقلت : آكل من هذا الثمر ، وأشرب من هذا النهر حتى يقضي الله بأمره.
فلمّا ذهب النهار ، خفت على نفسي من الوحش ، فطلعت على شجرة ونمت على غصن من أغصانها ، فلمّا كان في جوف الليل وإذا بدابّة على وجه الأرض تسبّح الله وتقول : لا إله إلاّ الله العزيز الجبّار ، محمد رسول الله النبيّ المختار ، أبو بكر الصدّيق صاحبه في الغار ، عمر الفاروق فاتح الأمصار ، عثمان القتيل في الدار ، عليّ سيف الله على الكفّار ، فعلى مبغضهم لعنة الله العزيز الجبّار ، ومأواه النار وبئس القرار ، ولم تزل تكرّر هذه الكلمات إلى الفجر.
فلمّا طلع الفجر قالت : لا إله إلاّ الله الصادق الوعد والوعيد ، محمد رسول الله الهادي الرشيد ، أبو بكر ذو الرأي السديد ، عمر بن الخطّاب سور من حديد ، عثمان الفضيل الشهيد ، عليّ بن أبي طالب ذو البأس الشديد ، فعلى مبغضهم لعنة الربّ المجيد.
ثم أقبلت إلى البرّ ، فإذا رأسها رأس نعامة ، ووجهها وجه إنسان ، وقوائمها قوائم بعير ، وذنبها ذنب سمكة ، فخشيت على نفسي الهلكة فهربت ، فنطقت بلسان فصيح فقالت : يا هذا قف وإلاّ تهلك. فوقفت فقالت : ما دينك؟ فقلت : دين النصرانيّة. فقالت : ويلك ارجع إلى دين الحنيفيّة ، فقد حللت بفناء قوم من مسلمي الجنّ لا ينجو منهم إلاّ من كان مسلماً ، فقلت : وكيف الإسلام؟ قالت : تشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله ، فقلتها ، فقالت : أتمّ إسلامك بالترحّم على أبي بكر ، وعمر ، وعثمان وعلي ـ رضي الله تعالى عنهم ـ. فقلت : ومن أتاكم بذلك؟ قالت : قوم منّا حضروا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سمعوه يقول : إذا كان يوم القيامة تأتي الجنّة فتنادي بلسان طلق فصيح : إلهي قد وعدتني أن تشيّد أركاني. فيقول الجليل جلّ جلاله : قد شيّدت ـ أي رفعت ـ أركانك بأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وزيّنتك بالحسن