ولا معتدّين برأي سعيد بن المسيّب : من مات محبّا لأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وشهد للعشرة بالجنّة ، وترحّم على معاوية ، كان حقّا على الله أن لا يناقشه الحساب (١).
ولا بأضغاث أحلام جاءت عن عمر بن عبد العزيز ، وفيها قول معاوية : غُفِر لي وربّ الكعبة. مرّ حديثها في الجزء التاسع (ص ٣٥٠).
ولا عابئين بقول أحمد : مالهم ولمعاوية؟ نسأل الله العافية.
فلا نقيم أيّ وزن لأمثال هذه السفاسف من آراء مجرّدة ، أو ركون إلى خيال ، أو احتجاج بهاتف مجهول ، أو جنوح إلى طيف حالم تجاه ما يؤثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الرجل ، وما جاء فيه من الكلم القيّمة للسلف الصالح الناظرين إلى أعماله من كثب ، العارفين بعُجره وبُجره ، الواقفين على إعلانه وإسراره ، الناقدين لمخازيه ، المتبصّرين في أمره ، الخبيرين بنواياه في جاهليته وإسلامه ، وإليك نبذة منها :
١ ـ عن عليّ بن الأقمر ، عن عبد الله بن عمر ، قال : خرج رسول الله من فجّ فنظر إلى أبي سفيان وهو راكب ، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق ، فلمّا نظر إليهم رسول الله قال : «اللهمّ العن القائد والسائق والراكب». قلنا : أنت سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : نعم ، وإلاّ فصمّتا أُذناي كما عميتا عيناي (٢).
وفي تاريخ الطبري (١١ / ٣٥٧): (٣) قد رأى صلىاللهعليهوآلهوسلم أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به ، ويزيد ابنه يسوق به قال : «لعن الله القائد والراكب والسائق».
وإلى هذا الحديث أشار الإمام السبط فيما يخاطب به معاوية بقوله ، «أنشدك الله
__________________
(١) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٣٩ ، ١٤٠ [٨ / ١٤٨ حوادث سنة ٦٠ ه]. (المؤلف)
(٢) كتاب صفّين طبعة مصر ص ٢٤٧ [ص ٢٢٠]. (المؤلف)
(٣) تاريخ الأمم والملوك : ١٠ / ٥٨ حوادث سنة ٢٨٤ ه.