فتكلّم الحسن بن علي عليهالسلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم قال : «أمّا بعد يا معاوية : فما هؤلاء شتموني ولكنّك شتمتني فحشاً أَلِفْته ، وسوء رأي عُرفت به ، وخلقاً سيئاً ثبت عليه ، وبغياً علينا عداوةً منك لمحمد وأهله ، ولكن اسمع يا معاوية واسمعوا ، فلأقولنّ فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم.
أنشدكم الله أيّها الرهط أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم صلّى القبلتين كليهما وأنت بهما كافر ، تراها ضلالة ، وتعبد اللات والعزّى غواية؟
وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه بايع البيعتين كلتيهما : بيعة الفتح وبيعة الرضوان وأنت يا معاوية بإحداهما كافر ، وبالأخرى ناكث؟ وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه أوّل الناس إيماناً وأنّك يا معاوية وأباك من المؤلّفة قلوبهم ، تسرّون الكفر وتظهرون الإسلام ، وتستمالون بالأموال؟
وأنشدكم الله ألستم تعلمون أنّه كان صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر وأنّ راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه ، ثم لقيكم يوم أُحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعك ومع أبيك راية الشرك ، وفي كلّ ذلك يفتح الله له ، ويفلج حجّته ، وينصر دعوته ، ويصدّق حديثه ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك المواطن كلّها عنه راض ، وعليك وعلى أبيك ساخط؟
وأنشدك الله يا معاوية أتذكر يوماً جاء أبوك على جمل أحمر ، وأنت تسوقه ، وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : اللهمّ العن الراكب والقائد والسائق؟ أتنسى يا معاوية الشعر الذي كتبته إلى أبيك لمّا همّ أن يسلم ، تنهاه عن ذلك
يا صخر لا تسلمنْ يوماً فتفضحَنا |
|
بعد الذين ببدرٍ أصبحوا مِزَقا |
خالي وعمّي وعمّ الأُمّ ثالثهم |
|
وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا |
لا تركننّ إلى أمر يكلّفنا |
|
والراقصات به في مكة الخرقا |
فالموتُ أهونُ من قولِ العداةِ : لقد |
|
حاد ابنُ حربٍ عن العزّى إذاً فَرَقا |