غيّا ، وأوردته المهالك ، وأوعرت عليه المسالك ، غمص الناس ، وسفه الحقّ ، فاسق مهتوك ستره ، يشين الكريم بمجلسه ، ويسفه الحليم بخلطته ، ابن آكلة الأكباد ، الكذّاب العسوف ، إمام الردى ، وعدوّ النبيّ ، لم يزل عدوّا لله والسنّة والقرآن والمسلمين ، رجل البِدع والأحداث ، كانت بوائقه تُتّقى ، وكان على الإسلام مخوفاً ، الغادر الفاسق ، مثله كمثل الشيطان ، يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ، لم يجعل الله له سابقة في الدين ، ولا سلف صدق في الإسلام ، القاسط النابذ كتاب الله وراء ظهره ، كان شرّ الأطفال وشرّ الرجال ، كهف المنافقين ، دخل في الاسلام كرهاً ، وخرج منه طوعاً ، لم يقدم إيمانه ولم يحدث نفاقه ، كان حرباً لله ولرسوله ، حزباً من أحزاب المشركين ، عدوّا لله ولنبيّه وللمؤمنين ، أقولُ الناس للزور ، وأضلّهم سبيلاً ، وأبعدهم من رسول الله وسيلة ، الغاوي اللعين ، ليس له فضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، عادى الله ورسوله وجاهدهما ، وبغى على المسلمين ، وظاهر المشركين ، فلمّا أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله ، أتاه فأسلم ، وهو والله راهب غير راغب ، قُبض رسول الله والرجل يُعرف بعداوة المسلم ومودّة المجرم ، يُطفئ نور الله ، ويظاهر أعداء الله ، أغوى جفاةً فأوردهم النار وأورثهم العار ، لم يكن في إسلامه بأبرّ وأتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في أيّام شركه وعبادته الأصنام.
هذا معاوية عند رجال الدين الصحيح الأبرار الصادقين ، وهذه صحيفة من تاريخه السوداء ، وتؤكّد هذه الكلم القيّمة ما يؤثر عن الرجل من بوائق وموبقات ، هي بمفردها حجج دامغة على سقوطه عن مبوّأ الصالحين ، فإنّها لا تتأتّى إلاّ عن تهاون بأمر الله ونهيه ، وإغضاء عن نواميس الدين وشرائع الإسلام ، وتزحزح عن سنّة الله ، وتعدّ وشذوذٍ عن حدوده (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (١) وإليك نزراً منها :
__________________
(١) البقرة : ٢٢٩.