ولمعاوية؟ ذره وما حمل ، فإنّ الله يقول : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) (١). قال : يا أبا هريرة لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب ، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا ، وأزواجنا ، وأهلنا ، ولنا الجنّة ، فهذه بيعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم التي بايعناه عليها ، فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه ، ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفى الله له بما بايع عليه نبيّه. فلم يكلّمه أبو هريرة بشيء.
٣ ـ وأخرج في التاريخ (٢) (٧ / ٢١٣) من طريق عمرو بن قيس ، قال : إنّ عبادة أتى حجرة معاوية وهو بأنطرطوس (٣) ، فألزم ظهره الحجرة وأقبل على الناس بوجهه وهو يقول : بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا أُبالي في الله لومة لائم ، ألا إنّ المقداد ابن الأسود قد غلّ بالأمس حماراً ، [قال :] وأقبلت أَوْسقٌ من مالٍ ، فأشارت (٤) الناس إليها فقال [عبادة] : أيّها الناس [ألا] إنّها تحمل الخمر ، والله ما يحلّ لصاحب هذه الحجرة أن يعطيكم منها شيئاً ، ولا يحلّ لكم أن تسألوه ، وإن [كانت] معبلة (٥) ـ يعني سهماً ـ في جنب أحدكم ، [قال :] فأتى رجلٌ المقداد [بن الأسود] وفي يده قرصافة (٦) ، فجعل يتلّ الحمار بها وهو يقول : [يا] معاوية هذا حمارك ، شأنك به ، حتى
__________________
(١) البقرة : ١٣٤.
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٢٦ / ٢٠٠ رقم ٣٠٧١ وما بين المعقوفات منه ، وفي تهذيب تاريخ دمشق : ٧ / ٢١٦.
(٣) بلدة من سواحل بحر الشام ، هي آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأوّل أعمال حمص. [معجم البلدان : ١ / ٢٧٠]. (المؤلف)
(٤) في المحقّقة : فاشرأبّ الناس إليها.
(٥) المعبلة : نصل طويل عريض.
(٦) القرصافة : القطيفة.