فإنّ عليّا خير من وطئ الحصى |
|
سوى أحمدٍ والموت غادٍ ورائحُ |
وممّا قيل على لسان الأشعث بن قيس الكندي (١) :
أتانا الرسولُ رسولُ الوصيِ |
|
عليِّ المهذّبِ من هاشمِ |
رسولُ الوصيِّ وصيِّ النبيّ |
|
وخيرِ البريّة من قائمِ |
وزير النبيّ وذو صهره |
|
وخير البريّة في العالمِ |
له الفضلُ والسبقُ بالصالحاتِ |
|
لهدي النبيّ به يأتمي (٢) |
وأنت ترى من جرّاء ذلك الاختيار الباطل الذي جاء به ابن عمر أن تدهورت السياسة فصار الانتخاب نصّا ، وانقلبت الديمقراطيّة ـ إن كانت ـ إلى دكتاتوريّة محضة رضيت الأُمّة أم غضبت ، ثم عاد الأمر شورى ويا لله وللشورى وسيف عبد الرحمن ابن عوف هو العامل الوحيد يوم ذاك ، إلى أن أصبح ملكاً عضوضاً ، ووصلت النوبة إلى الطلقاء وأبناء الطلقاء ، إلى رجال العيث والفساد ، إلى أبناء الخمور والفجور ، إلى أن تمكّن معاوية الخمر والربا من استخلاف يزيد العرّة والشرة قائلاً : من أحقّ منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه؟ وما أظنّ قوماً بمنتهين حتى تصيبهم بوائق تجتثّ أصولهم ، وقد أنذرت إن أغنت النذر (٣).
لم يكن لأعيان الأُمّة ، ووجوه الصحابة ، وصلحاء الملّة ، وخيرة الناس في أمر تلكم الأدوار القاتمة حلّ ولا عقد ، بل كانوا مضطهدين مقهورين مبتزّين يرون حكم الله مبدّلاً ، وكتابه منبوذاً ، وفرائضه محرّفة عن جهات أشراعه ، وسنن نبيّه متروكة.
سبحانك اللهمّ ما أجرأهم على الرحمن وانتهاك حرمة النبيّ وكتابه باختيار
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ٢٤.
(٢) يأتمي ، أراد يأتمّ التي أصلها يأتمم ، فقلب إحدى الميمين ياءً كما قالوا في التظنّن التظنّي ، وفي التقصّص التقصّي.
(٣) الكامل لابن الأثير : ٣ / ٢١٧ [٢ / ٥١١ حوادث سنة ٥٦ ه]. (المؤلف)