بالذهب ، والفضّة بالفضّة ، لا يجوز إلاّ مثلاً بمثل.
وفي الفقه على المذاهب الأربعة (٢ / ٢٤٥) : لا خلاف بين أئمّة المسلمين في تحريم ربا النسيئة ، فهو كبيرة من الكبائر بلا نزاع ، وقد ثبت [ذلك] (١) بكتاب الله تعالى ، وسنّة رسوله ، وإجماع المسلمين. إلى آخره.
وفي (ص ٢٤٧) : أمّا ربا الفضل وهو أن يبيع أحد الجنسين بمثله بدون تأخير في القبض ، فهو حرام في المذاهب الأربعة.
هذا ما عند الله وعند رسوله وعند المسلمين أجمع ، لكن معاوية بلغت به الرفعة مكاناً يقول فيه : قال الله ورسوله وقلت ، هما يحرّمان الربا بأشدّ التحريم ، ويستحلّه معاوية ، وينهى عن رواية سنّة جاءت فيه ، ويُشدّد النكير عليها وعلى من رواها ، حتى يغادر الصحابيّ الصالح من جرّائه عقر داره ، فما ذا للقائل أن يقول فيمن يحادّ الله ورسوله ، ويستحلّ ما حرّماه ، ويتعدّى حدودهما؟ أو يقول فيمن يسمع آيات الله تُتلى عليه ثم يصرّ مستكبراً كأن لم يسمعها.
ولئن صحّ للجاحظ إكفار معاوية لمحض مخالفته للسنّة الثابتة باستلحاق زياد ، كما سيوافيك شرحه فهو بما ذكرناه هنا وفي غير واحد من موارده ومصادره ، أكفر كافر.
ولنا حقّ النظر إلى ناحية أخرى من هذه القصّة ، وهي بيع آنية الفضّة من دون كسرها المحرّم في شريعة الإسلام تحريماً باتّا لا خلاف فيه. راجع المحلّى لابن حزم (٨ / ٥١٤) ، نعم ، هذا حكم الإسلام ، ومعاوية لا يبالي به ، فيبيع ما يشاء كيف يشاء ، وسيرى وبال أمره يوم يقوم الناس لربّ العالمين ، يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذٍ لله.
__________________
(١) من المصدر.