في طيّات كتابنا هذا كاتّخاذ لعن عليّ أمير المؤمنين سنّة يدأب عليها ، وكتأويل عمرو ابن العاص قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار : تقتلك الفئة الباغية ، بأنّ عليّا عليهالسلام هو الذي قتل عمّاراً لإلقائه بين سيوف القوم ورماحهم ، وكبيان ما يُعرب عن حال أصحاب معاوية ومبلغهم من العقل والدين ، وهذه كلمة معاوية ومعتقده فيهم ، وهو على بصيرة منهم ، وقد كان يستفيد من أولئك الهمج بضؤولة عقليّتهم ، وخَوَر نفسيّاتهم ، وبعدهم عن معالم الدين ونواميس الشريعة المقدّسة ، فيجمعهم على قتال إمام الحقّ تارة وللشهادة بأنّه عليهالسلام هو الذي قتل عثمان طوراً ، إلى موارد كثيرة من شهادات الزور التي كان يُغريهم بها ، كقصّة حجر بن عدي وأمثالها.
والذي يهمّنا هاهنا أوّلاً حكمه الباطل على ناقة لم تكن توجد هنالك ، وإنّما الموجود جمل قد شاهده وعلم به وأنّه خارج عن موضوع الشهادة ، لكنّه أنفذ الحكم الباطل المبتني على خمسين شهادة ، زور كلّها ، ويقول بملء فيه : هذا حكم قد مضى. والحقيقة غير عازبة عنه ، ويتبجّح أنّه يقابل إمام الهدى عليهالسلام بمائة ألف من أولئك الحمر المستنفرة ، لكنّه لم يقابل إمام الحقّ بهم فحسب ، وإنّما كان يقابل النبيّ الأعظم ، ودينه الأقدس ، وكتابه العزيز ، بتلكم الرعرعة الدهماء.
ويهمّنا ثانياً تغييره وقت صلاة الجمعة عند مسيره إلى صفّين ـ في تلك السفرة المحظورة التي أُنشِئت على الضدّ من رضى الله ورسوله ـ إلى يوم الأربعاء ، وإلى الغاية لم يظهر لي سرّ هذا التغيير ، هل نسي يوم الجمعة فحسب يوم الأربعاء أنّه يوم الجمعة؟ ومن العجب أنّه لم يذكره أحد من ذلك الجيش اللجب ، ولا ذكّره منهم أحد. أو أنّه كان يبهضه ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في فضل يوم الجمعة ، وفضل ساعاته والأعمال الواردة فيه ، وقد اتّخذه هو صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمون من بعده عيداً تمتاز به هذه الأُمّة عن بقيّة الأُمم؟ وما كان ابن هند يستسهل أن يجري في الدنيا سنّة للنبيّ متّبعة لم يولها إخلالاً وعيثاً ، فبدر إلى ذلك التبديل عتوّا منه ، وما أكثر عبثه بالدين وحيفه بالمسلمين!