قال الأميني : تنمّ هذه الأحاديث عن أنّ البسملة لم تزل جزءاً من السورة منذ نزول القرآن الكريم ، وعلى ذلك تمرّنت الأُمّة ، وانطوت الضمائر ، وتطامنت العقائد ، ولذلك قال المهاجرون والأنصار لمّا تركها معاوية : إنّه سرق ، ولم يتسنَّ لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئيّة ، حتى التجأ إلى إعادة الصلاة مكلّلة سورتها بالبسملة ، أو أنّه التزم بها في بقيّة صلواته ، ولو كان هناك يومئذ قول بتجرّد السورة عنها لاحتجّ به معاوية ، لكنّه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأمويّين الذين اتّبعوه بعد تبيّن الرشد من الغيّ.
وأمّا التكبير عند كلّ هوي وانتصاب فهي سنّة ثابتة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عرفها الصحابة كافّة ، فأنكروا على معاوية تركها ، وعليها كان عمل الخلفاء الأربعة ، واستقرّ عليها إجماع العلماء ، وهي مندوبة عندهم ، عدا ما يؤثر عن أحمد في إحدى الروايتين عنه من وجوبها ، وكذلك عن بعض أهل الظاهر ، وإليك جملة ممّا ورد في المسألة :
١ ـ عن مطرف بن عبد الله قال : صلّيت خلف عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه أنا وعمران بن حصين ، فكان إذا سجد كبّر ، وإذا رفع رأسه كبّر ، وإذا نهض من الركعتين كبّر ، فلمّا قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين ، فقال : قد ذكّرني هذا صلاة محمد ، أو قال : لقد صلّى بنا صلاة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي لفظ لأحمد : قال عمران : ما صلّيت منذ حين. أو قال : منذ كذا كذا أشبه بصلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذه الصلاة ، صلاة عليّ.
وفي لفظ آخر له : عن مطرف عن عمران قال : صلّيت خلف عليّ صلاةً ذكّرني صلاةً صلّيتها مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والخليفتين ، قال : فانطلقت فصلّيت معه ، فإذا هو يكبّر كلّما سجد وكلّما رفع رأسه من الركوع ، فقلت : يا أبا نجيد من أوّل من تركه؟