خلقاً ، وأكثرهم علماً ، وأعلمهم بالكتاب والسنّة ، وأقدمهم سلماً ، وأوّلهم صلاة من رسول الله ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأخشنهم في ذات الله ، وأقسمهم بالسويّة ، وأعدلهم في الرعيّة ، وأبصرهم بالقضيّة ، وأعظمهم عند الله مزيّة ، وأفضلهم في القضاء ، وأوّلهم وارداً عليّ الحوض ، وأعظمهم عناءً ، وأحبّهم إلى الله ورسوله ، وأخصّهم عنده منزلة ، وأقربهم قرابة ، وأولاهم بهم من أنفسهم كما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأقربهم عهداً به صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ، وجبريل ينادي : لا فتى إلاّ عليّ لا سيف إلاّ ذو الفقار (٢). فهل يبقى هنالك موضوع للمفاضلة بعد هذه كلّها حتى يخيّر فيه الصبيّ ابن عمر أو غيره ، فيختارون على عليّ غيره؟ غفرانك اللهمّ وإليك المصير.
قال الجاحظ : لا يُعلم رجل في الأرض متى ذُكر السبق في الإسلام والتقدّم فيه ، ومتى ذُكرت النجدة والذبّ عن الإسلام ، ومتى ذُكر الفقه في الدين ، ومتى ذُكر الزهد في الأموال التي تتناجز الناس عليها ، ومتى ذُكر الإعطاء في الماعون ، كان مذكوراً في هذه الخصال كلّها إلاّ عليّ رضى الله عنه. ثمار القلوب للثعالبي (٣) (ص ٦٧).
لستُ أدري كيف ترك المخيّرون أصحاب محمد بعد الثلاثة لا تفاضل بينهم ، وبما ذا استوى الناس وفيهم العشرة المبشّرة؟ وفيهم من رآه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شبيه عيسى في أُمّته هدياً وبرّا ونسكاً وزهداً وصدقاً وجدّا وخَلقاً وخُلقاً (٤).
وفيهم من كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يراه جلدة ما بين عينيه وأنفه ، طيّباً مطيّباً ، قد مُلئ إيماناً إلى مشاشه ، يدور مع الحقّ أينما دار (٥).
__________________
(١) مرّت هذه الأحاديث كلّها بمصادرها في طيّات الأجزاء الماضية. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء الثاني : ص ٥٤ ـ ٥٦ الطبعة الأولى وص ٥٩ ـ ٦١ الطبعة الثانية. (المؤلف)
(٣) ثمار القلوب : ص ٨٧ رقم ١٢٤.
(٤) هو سيّدنا أبو ذر. راجع الجزء الثامن. (المؤلف)
(٥) هو سيّدنا عمّار بن ياسر. راجع من الجزء التاسع صحيفة ٢٤ ـ ٢٨. (المؤلف)