الخيرة وحسن القضاء. ثم دعا عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ، وعبد الله بن مسعدة الفزاري ، وثور بن معن السلمي ، وعبد الله بن عصام الأشعري ، فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحّاك ، وأن يصدّقوا قوله ، ويدعوه إلى [بيعة] (١) يزيد.
ثم خطب معاوية ، فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد ، فقال معاوية : أين الأحنف؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلّم؟ فقام الأحنف فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أصلح الله أمير المؤمنين ، إنّ الناس قد أمسوا في منكر زمان قد سلف ، ومعروف زمان مؤتنف (٢) ، ويزيد ابن أمير المؤمنين نعم الخلف ، وقد حلبت الدهر أشطره يا أمير المؤمنين ؛ فاعرف من تسند إليه الأمر من بعدك ، ثم اعص أمر من يأمرك ، لا يغررك من يشير عليك ، ولا ينظر لك وأنت أنظر للجماعة ، وأعلم باستقامة الطاعة ، [مع] (٣) أنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّا.
فغضب الضحّاك ، فقام الثانية ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أصلح الله أمير المؤمنين ، إنّ أهل النفاق من أهل العراق ، مروءتهم في أنفسهم الشقاق ، وألفتهم في دينهم الفراق ، يرون الحقّ على أهوائهم كأنّما ينظرون بأقفائهم ، اختالوا جهلاً وبطراً ، لا يرقبون من الله راقبة ، ولا يخافون وبال عاقبة ، اتّخذوا إبليس لهم ربّا ، واتّخذهم إبليس حزباً ، فمن يقاربوه لا يسرّوه ، ومن يفارقوه لا يضرّوه ، فادفع رأيهم يا أمير المؤمنين في نحورهم ، وكلامهم في صدروهم ، ما للحسن وذوي الحسن في سلطان الله الذي استخلف به معاوية في أرضه؟ هيهات لا تورث الخلافة عن كلالة ، ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطّنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم ، وكاتب
__________________
(١) من الإمامة والسياسة.
(٢) مؤتنف : مستقبل.
(٣) من الإمامة والسياسة.