أو يزيدون ، لكنّه لم يعِهِ بدليل أنّه ما آمن به ، فحارب عليّا عليهالسلام بعده ، وعاداه ، وأمر بلعنه محادّة منه لله ولرسوله ، وعقيرة رسول الله المرفوعة بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في عليّ «اللهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله». بعدُ ترنّ في أُذن الدنيا.
ومن موارده يوم المؤاخاة كما أخرجه أحمد (١) ، باسناده عن محدوج بن زيد الباهلي ، قال : آخى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين المهاجرين والأنصار ، فبكى عليّ عليهالسلام فقال رسول الله : «ما يبكيك فقال : لم تواخِ بيني وبين أحد. فقال : إنّما ادّخرتك لنفسي ثم قال : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» (٢).
ومنها يوم كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في دار أُمّ سلمة ، إذ أقبل عليّ عليهالسلام يريد الدخول على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : يا أُمّ سلمة هل تعرفين هذا؟ قالت : نعم ، فقال : «هذا عليّ سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي ، وهو منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي». راجع الجزء الثالث (ص ١١٦).
على أنّ حديث المنزلة قد جاء من طريق معاوية نفسه ، رواه في حياة عليّ عليهالسلام فيما أخرجه أحمد في مناقبه من طريق أبي حازم ، كما في الرياض النضرة (٣) (٢ / ١٩٥).
وأمّا نبأ المباهلة فصحيح أنّ معاوية لم يُدركه ، لأنّ الكفر كان يمنعه عند ذلك عن سماعه ، غير أن القرآن الكريم قد أعرب عن ذلك النبأ العظيم إن لم يكن ابن حرب في معزل عن الكتاب والسنّة ، على أن قصّتها من القضايا العالميّة وليس من المستطاع لأيّ أحد أن يدّعي الجهل بها.
وهنا نماشي ابن صخر في عدم اطّلاعه على تلكم الفضائل إلى حدّ إخبار سعد
__________________
(١) مناقب عليّ : ص ١٩٧ ح ٢٥٧.
(٢) راجع ما أسلفناه في الجزء الثالث : ص ١١٥. (المؤلف)
(٣) الرياض النضرة : ٣ / ١٤٢.