إيّاه ، لكنّه بما ذا يعتذر وهو يقرأ قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) الآية؟! وبما ذا يعتذر بعد ما رواه قبل يوم صفّين من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية» وبما ذا يعتذر بعد علمه بتلكم الأحاديث بإخبار صحابيّ معدود عند القوم في العشرة المبشّرة ، وبعد إقامة الشهود عليه؟! ومن هنا تعلم أنّه أفك مرّة أخرى بقوله : أما إنّي لو سمعت من رسول الله ما سمعت في عليّ لكنت له خادماً ما عشت. لأنّه عاش ولم يرتدع عن غيّه ، وحارب أمير المؤمنين عليهالسلام حيّا وميّتاً ، ودأب على لعنه والأمر به حتى أجهز عليه عمله ، وكبت به بطنته.
نعم : إنّه استمرّ على بغيه ، وقابل سعداً في حديثه بالضرطة ، وهل هي هزء منه بمصدر تلكم الأنباء القدسيّة؟ أو بخضوع سعد لها؟ أو لمحض أنّ سعداً لم يوافقه على ظلمه؟ أنا لا أدري ، غير أنّ كفر معاوية الدفين لا يأبى شيئاً من ذلك ، وهلاّ منعه الخجل عن مثل هذا المجون وهو ملك؟ وبطبع الحال أنّ مجلسه يحوي الأعاظم والأعيان.
من أين تخجلُ أوجهٌ أمويّةٌ |
|
سكبت بلذّات الفجور حياءها |
٢ ـ لمّا مات الحسن بن عليّ عليهماالسلام حجّ معاوية ، فدخل المدينة وأراد أن يلعن عليّا على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقيل له : إنّ هاهنا سعد بن أبي وقّاص ولا نراه يرضى بهذا ، فابعث إليه وخذ رأيه ، فأرسل إليه وذكر له ذلك ، فقال : إن فعلت لأخرجنّ من المسجد ، ثم لا أعود إليه ، فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد. فلمّا مات لعنه على المنبر ، وكتب إلى عمّاله أن يلعنوه على المنابر ، ففعلوا فكتبت أمّ سلمة زوج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى معاوية : إنّكم تلعنون الله ورسوله على منابركم ، وذلك أنّكم تلعنون عليّ بن أبي طالب ومن أحبّه ، وأنا أشهد أنّ الله أحبّه ورسوله. فلم يلتفت إلى كلامها. العقد الفريد (١) (٢ / ٣٠١).
__________________
(١) العقد الفريد : ٤ / ١٥٩.