يا أمير المؤمنين إنّ هذا قد أمن سوطك وسيفك ، فدعني أضرب عنقه. قال : «لست أُريد ذلك منه على كره ، خلّوا سبيله». فلمّا انصرف ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : «لقد كان صغيراً وهو سيّئ الخُلق وهو في كبره أسوأ خُلقاً» وروي أنّه أتاه في اليوم الثاني ، فقال : إنّي لك ناصح ، إنّ بيعتك لم يرضَ بها الناس كلّهم ، فلو نظرت لدينك ورددت الأمر شورى بين المسلمين. فقال عليّ عليهالسلام : «ويحك وهل ما كان عن طلب منّي؟ ألم يبلغك صنيعهم بي؟ قم يا أحمق ، ما أنت وهذا الكلام؟» فخرج ثم أتى عليّا عليهالسلام آتٍ في اليوم الثالث فقال : إنّ ابن عمر قد خرج إلى مكة يفسد الناس عليك ، فأمر بالبعثة في أثره. فجاءت أمّ كلثوم ابنته فسألته ، وضرعت إليه فيه ، وقالت : يا أمير المؤمنين إنّما خرج إلى مكة ليقيم بها ، وإنّه ليس بصاحب سلطان ، ولا هو من رجال هذا الشأن ، وطلبت إليه أن يقبل شفاعتها في أمره لأنّه ابن بعلها ، فأجابها وكفّ البعثة إليه ، وقال : «دعوه وما أراد».
جواهر الأخبار للصعدي المطبوع في ذيل كتاب البحر الزخّار (٦ / ٧١).
هلمّوا معي يا أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم نسائل ابن عمر ، هلاّ بايع هو أبا بكر ولم يجتمع عليه الناس ، وانعقدت بيعته باثنين أو أربعة أو خمسة ، كما مرّ في (٧ / ١٤١) الطبعة الأولى.
والاختلاف هنالك كان قائماً على ساق ، وهو الذي فرّق صفوف الأمّة حتى اليوم ، وكان ابن عمر ينظر إليه من كثب ، ثم لحقتها موافقة الناس بالإرهاب في بعض ، وإطماع في آخرين ، وأمر دبّر بليل بين لفيف من زبانية الخلافة ، وتمّت بعد وصمات مرّ الإيعاز إليها في الجزء السابع (ص ٧٤ ـ ٨٧) ، تمّت وصدور أُمّة صالحة واغرة عليها وعلى من تقمّصها ، وهو يعلم أنّ محلّ عليّ عليهالسلام منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنه السيل ، ولا يرقى إليه الطير.