وكلّ قتال وقع في ذلك العصر إنّما تولّد عن شيء من ذلك أو عن شيء تولّد عنه. انتهى.
وقال في (ص ٤٢) : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حقّ عثمان : بلاء يصيبنّه. هو ما وقع له من القتل الذي نشأت عنه الفتن الواقعة بين الصحابة في الجمل ، ثم في صفّين وما بعد ذلك. انتهى.
ونحن لا نعرف لابن عمر حجّة فيما ارتكبه من البيعة والقعود إلاّ ما نحته له ابن حجر في فتح الباري (٥ / ١٩) بقوله : لم يذكر ابن عمر خلافة عليّ لأنّه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه كما هو مشهور في صحيح الأخبار ، وكان رأي ابن عمر أنّه لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس ، ولهذا لم يبايع أيضاً لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما ، وبايع ليزيد بن معاوية ، ثم لعبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير. انتهى.
وقال في الفتح (١) أيضا (١٣ / ١٦٥) : كان عبد الله بن عمر في تلك المدّة امتنع أن يبايع لابن الزبير أو لعبد الملك كما كان امتنع أن يبايع لعليّ أو معاوية ، ثم بايع لمعاوية لمّا اصطلح مع الحسن بن عليّ ، واجتمع عليه الناس ، وبايع لابنه يزيد بعد موت معاوية لاجتماع الناس عليه ، ثم امتنع من المبايعة لأحد حال الاختلاف ، إلى أن قتل ابن الزبير وانتظم الملك كلّه لعبد الملك فبايع له حينئذٍ.
هذه حجّة داحضة موّه بها ابن حجر على الحقائق الراهنة لتغرير أُمّة جاهلة ، ولعلّه اتّخذها ممّا جاء في الحديث من أنّه لمّا تخلّف عبد الله بن عمر عن بيعة عليّ عليهالسلام أمر بإحضاره فأُحضر فقال له : «بايع» قال : لا أُبايع حتى تبايع جميع الناس. قال له عليّ عليهالسلام «فأعطني حميلاً (٢) أن لا تبرح» قال : ولا أعطيك حَميلاً. فقال الأشتر :
__________________
(١) فتح الباري : ١٣ / ١٩٥.
(٢) الحميل ، كفعيل : الكفيل. (المؤلف)