قتلت عثمان بن عفّان ، ورقيت سلّماً أطلعك الله عليه مطلع سوء ، عليك لا لك ، وقتلت الزبير وطلحة ، وشرّدت أُمّك عائشة ، ونزلت بين المصرين فمنّيت وتمنّيت ، وخُيّل لك أنّ الدنيا قد سُخِّرت لك بخيلها ورجلها ، وإنّما تعرف أُمنيّتك ، لو قد زرتك في المهاجرين من الشام بقيّة الإسلام ، فيحيطون بك من ورائك ، ثم يقضي الله علمه فيك ، والسلام على أولياء الله (١).
فأيّ أحد من غوغاء الناس ومن جهلة الأُمّة يحسب في صاحب هذه الكلمات المخزية نزعة دينيّة؟ أو حياءً وانقباضاً في النفس ولو قيد شعرة؟ أو بخوعاً إلى كتاب الله وهو يطهّر أهل البيت وعليّ سيد العترة ، ويراه نفس النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقرن ولايته بولاية الله وولاية رسوله ، وطاعته بطاعتهما؟!
نعم : هكذا فليكن رضيع ثدي هند وربيب حجر حمامة ، والناشئ تحت راية البغاء ، ووليد بيت أميّة ، وثمرة تلك الشجرة الملعونة في القرآن ، هكذا يسرف معاوية في القول ، ويجازف مفرطاً فيه ، (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (٢) ، وهو سرف الفؤاد لا يعبأ بما تلقّته الأُمّة بالقبول من قول نبيّها في عليّ عليهالسلام : «أنت الصدّيق الأكبر ، أنت الفاروق الذي تفرق بين الحقّ والباطل ، وأنت يعسوب الدين» (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عليّ مع القرآن والقرآن معه ، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض» (٤).
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ
__________________
(١) توجد هذه الكتب على تفصيلها في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٤١ ، ٤١٢ ، ٤٤٨ و ٤ / ٥٠ ، ٥١ ، ٢٠١ [١٥ / ٨٢ ، ٨٧ ، ١٨٦ و ٦ / ١٣٤ ـ ١٣٥ و ١٧ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣]. ، وهي مبثوثة في جمهرة الرسائل : ١ / ٣٩٨ ـ ٤٨٣. (المؤلف)
(٢) سورة ق : ١٨.
(٣) الحاوي للفتاوي للسيوطي : ٢ / ١٩٦.
(٤) ٢٠