فلا تبِغيَنْ حرب العراق فإنّها |
|
تحرّم أطهار النساء من الذعرِ |
وإنَّ عليّا خير من وطئ الحصى |
|
من الهاشميّين المداريك للوترِ |
له في رقاب الناس عهد وذمّةٌ |
|
كعهد أبي حفصٍ وعهد أبي بكرِ |
فبايع ولا ترجع على العقب كافراً |
|
أُعيذك بالله العزيز من الكفرِ |
ولا تسمعن قول الطغام فإنّما |
|
يريدون أن يُلقوك في لجّة البحرِ |
وما ذا عليهم أن تطاعن دونهم |
|
عليّا بأطراف المثقّفة السمرِ |
فإن غَلبوا كانوا علينا أئمّةً |
|
وكنّا بحمد الله من ولد الظهرِ (١) |
وإن غُلبوا لم يصلَ بالحرب غيرُنا |
|
وكان عليٌّ حربَنا آخرَ الدهرِ |
يهون على عُليا لؤيّ بن غالبٍ |
|
دماءُ بني قحطان في ملكهم تجري |
فدع عنك عثمانَ بنَ عفّانَ إنّنا |
|
لك الخيرُ ، لا ندري وإنّك لا تدري |
على أيِّ حالٍ كان مصرعُ جنبِه |
|
فلا تسمعن قول الأُعيور أو عمرِو |
قال : لمّا قدم شُرحبيل على معاوية تلقّاه الناس فأعظموه ، ودخل على معاوية ، فتكلّم معاوية ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا شُرحبيل إنّ جرير بن عبد الله يدعونا إلى بيعة عليّ ، وعليّ خير الناس (٢) لو لا أنّه قتل عثمان بن عفّان ، وقد حبست نفسي عليك ، وإنّما أنا رجل من أهل الشام ، أرضى ما رضوا ، وأكره ما كرهوا. فقال شُرحبيل : أخرج فأنظر. فخرج فلقيه هؤلاء النفر الموطّؤون له ، فكلّهم يخبره بأنّ عليّا قتل عثمان بن عفّان. فخرج مغضباً إلى معاوية ، فقال : يا معاوية أبى الناس إلاّ أنّ عليّا قتل عثمان ، وو الله لئن بايعت له لنخرجنّك من الشام أو لنقتلنّك. قال معاوية : ما كنت لأُخالف عليكم ، وما أنا إلاّ رجل من أهل الشام. قال : فردّ هذا الرجل إلى صاحبه إذاً. قال : فعرف معاوية أنّ شُرحبيل قد نفذت بصيرته في حرب
__________________
(١) يقال : فلان من ولد الظهر ، بالفتح. أي ليس منّا. وقيل : معناه أنّه لا يلتفت إليه. (المؤلف)
(٢) هل تجتمع كلمة الرجل هذه مع سبابه المقذع عليّا وقوارصه التي أوعزنا إليها؟ هذا هو النفاق ، وهكذا يكون المنافق ذا لسانين ووجهين. (المؤلف)