عثمان ، ولتعلمنّ أنّي كنت في عزلة عنه ، إلاّ أن تتجنّى (١) فتجنَّ ما بدا لك» (٢).
وثامناً : إلى أنّ طلحة والزبير قد نهضا قبل معاوية بتلك الغاية التي هو راميها ، وأخرجا حبيسة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خدرها ، وحاربهما الإمام عليهالسلام بعد ما أتمّ عليهما الحجّة ، وكتب إليهما : «وقد زعمتما أن (٣) قتلت عثمان ، فبيني وبينكما من تخلّف عنّي وعنكما من أهل المدينة (٤) ، ثم يُلزم كلّ امرئ بقدر ما احتمل ، وزعمتما أنّي آويت قتلة عثمان ، فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي ، ثم يُخاصموا إليّ قتلة أبيهم. وما أنتما وعثمان إن كان قُتل ظالماً أو مظلوماً؟ وقد بايعتماني وأنتما بين خصلتين قبيحتين : نكث بيعتكما ، وإخراجكما أمّكما» (٥).
وكتب عليهالسلام إلى معاوية : «إنّ طلحة والزبير بايعاني ، ثم نقضا بيعتهما ، وكان نقضهما كردّتهما ، فجاهدتهما بعد ما أعذرت إليهما ، حتى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون ، فادخل فيما دخل فيه المسلمون» (٦).
فهلاّ كانت بحسب معاوية تلكم الحجج؟! وقد طنّ في أُذن الدنيا قول أمير
__________________
(١) تجنّى عليه : ادّعى عليه ذنباً لم يفعله. فتُجنّ : أي تستره وتخفيه [كذا ضبط في الطبعة التي اعتمدها المؤلف من شرح النهج ، وفي الطبعة المعتمدة لدينا : فتَجنّ ـ بفتح التاء ـ والمعنى : فادّعِ عليّ ما بدا لك الادّعاء. وهذا الضبط ظاهراً أوفق بالسياق] (المؤلف)
(٢) الإمامة والسياسة : ١ / ٨١ [١ / ٨٥] ، العقد الفريد : ٢ / ٢٨٤ [٤ / ١٣٦] ، نهج البلاغة : ٢ / ٧ ، ١٢٤ [ص ٣٦٧ كتاب ٦] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٢٤٨ و ٣ / ٣٠٠ [٣ / ٧٥ خطبة ٤٣ و ١٤ / ٣٥ كتاب ٦]. (المؤلف)
(٣) في المصدرين : أنّي.
(٤) نظراء سعد بن أبي وقّاص ، عبد الله بن عمر ، محمد بن مسلمة. (المؤلف)
(٥) نهج البلاغة : ٢ / ١١٢ [ص ٤٤٦ كتاب ٥٤] ، الإمامة والسياسة : ١ / ٦٢ [١ / ٦٦]. (المؤلف)
(٦) كتاب صفّين لنصر بن مزاحم : ص ٣٤ طبعة مصر [ص ٢٩] ، العقد الفريد : ٢ / ٢٨٤ [٤ / ١٣٦] ، الإمامة والسياسة : ١ / ٨١ [١ / ٨٥] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٢٤٨ و ٣ / ٣٠٠ [٣ / ٧٥ خطبة ٤٣ و ١٤ / ٣٦]. (المؤلف)