وأُمراء الجور والعدوان ، مثل ما عُزي إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يكون بعدي أئمّة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنّون بسنّتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس». قال حذيفة : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضُرب ظهرك ، وأُخذ مالك ، فاسمع وأطع (١).
وسأل سلمة بن يزيد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا نبيّ الله أرأيت إن قامت علينا أُمراء يسألوننا حقّهم ، ويمنعونا حقّنا ، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ، ثم سأله فأعرض عنه ، ثم سأله فجذبه الأشعث بن قيس ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : اسمعوا وأطيعوا فإنّما عليهم ما حمّلوا وعليكم ما حُمّلتم (٢). هذا رأي القوم في أُمراء الشرّ والفساد فما ظنّك بالإمام العادل ، المستجمع لشرائط الخلافة ، الذي ملأت الدنيا النصوص في وجوب اقتصاص أثره ، والموافقة لآرائه ، وكلّ ما يرتئيه من حقّ واضح؟!
وعاشراً : إلى أنّ قاتل عثمان المباشر لقتله اختلف فيه ، كما مرّ تفصيله في الجزء التاسع ويأتي أيضاً بين جبلة بن الأيهم المصري ، وكبيرة السكوني ، وكنانة بن بشر التجيبي ، وسودان بن حمران ، ورومان اليماني ، ويسار بن غلياض (٣) ، وعند ابن عساكر (٤) يقال له : حمال (٥). فقُتل منهم من قُتل في الوقت ، ولم يكن أحد من الباقين في جيش الإمام عليهالسلام ، ولا ممّن آواهم هو ، فلم يكن لأحد عند غيرهم ثار ، وأمّا الذين آواهم الإمام عليهالسلام فهم المسبّبون لقتله من المهاجرين والأنصار ، أو المؤلّبون عليه من الصحابة العدول ، ولم يشذّ عنهم إلاّ أُناس يعدّون بالأنامل.
وبعد هذه كلّها هلاّ كانت لتبرئة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام نفسه من دم عثمان
__________________
(١) صحيح مسلم : ٦ / ٢٠ [٤ / ١٢٤ ح ٥٢ كتاب الإمارة] ، سنن البيهقي : ٨ / ١٥٧. (المؤلف)
(٢) صحيح مسلم : ٦ / ١٩ [٤ / ١٢٢ ح ٤٩] ، سنن البيهقي : ٨ / ١٥٨. (المؤلف)
(٣) ذكره المحب الطبري في رياضه : ٣ / ٦٤ ، يسار بن عياض.
(٤) تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ٤٠٨ رقم ٤٦١٩ ، وفيه : حمار.
(٥) الصواعق : ص ٦٦ [ص ١١١ وفيه : حمار بدلاً من : حمال]. (المؤلف)