البيعة ، فقال : يا أمير المؤمنين أخدجت هذا الملك ، وأفسدت الناس ، وجعلت للسفهاء مجالاً (١) ، وقد علمتِ العرب أنّا حيّ فِعال ، ولسنا بحيّ مقال ، وإنّا نأتي بعظيم فعالنا على قليل مقالنا ، فابسط يدك أُبايعك على ما أحببنا وكرهنا.
فقال الزبرقان بن عبد الله السكوني :
معاويَ أخدجتَ الخلافةَ بالتي |
|
شرطتَ فقد بوّا لك الملكَ مالكُ |
ببيعة فصلٍ ليس فيها غميزةٌ |
|
ألا كلُّ ملكٍ ضمّه الشرط هالكُ |
وكان كبيتِ العنكبوتِ مذبذباً |
|
فأصبح محجوباً عليه الأرائكُ |
وأصبح لا يرجوه راجٍ لعلّةٍ |
|
ولا تنتحي فيه الرجال الصعالكُ |
وما خيرُ ملكٍ يا معاويَ مُخدجٍ |
|
تُجُرِّعَ فيه الغيظُ والوجهُ حالكُ |
إذا شاء ردّته السَّكونُ وحِمْيرٌ |
|
وهمْدانُ والحيّ الخفاف السكاسكُ (٢) |
جرت بين الإمام عليهالسلام وبين معاوية مكاتبات ، نحن نأخذ من تلكم الكتب ما يخصّ الموضوع ، كتب عليهالسلام إليه في أوّل ما بويع له بالخلافة :
«أمّا بعد : فقد علمت إعذاري فيكم ، وإعراضي عنكم ، حتى كان ما لا بدّ منه ، ولا دفع له ، والحديث طويل ، والكلام كثير ، وقد أدبر ما أدبر ، وأقبل ما أقبل ، فبايع من قبلك ، وأقبل إليّ في وفد من أصحابك ، والسلام».
وفي لفظ :
«أمّا بعد : فإنّ الناس قتلوا عثمان عن غير مشورة منّي ، وبايعوني عن مشورة منهم واجتماع ، فإذا أتاك كتابي فبايع لي ، وأوفد إليّ أشراف أهل الشام قبلك».
وفي لفظ ابن قتيبة : «أمّا بعد : فقد ولّيتك ما قبلك من الأمر والمال ، فبايع من
__________________
(١) في وقعة صفّين : مقالاً.
(٢) كتاب صفّين لابن مزاحم : ص ٩٠ [ص ٨١]. (المؤلف)