قال النووي في شرح مسلم (١) هامش إرشاد الساري (٨ / ٤٣) : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» معناه : ادفعوا الثاني فإنّه خارج على الإمام ، فإن لم يندفع إلاّ بحرب وقتال فقاتلوه ، فإن دعت المقاتلة إلى قتله ، جاز قتله ولا ضمان فيه لأنّه ظالم متعدّ في قتاله.
قال : قوله : فقلت له : هذا ابن عمّك معاوية. إلى آخره. المقصود بهذا الكلام أنّ هذا القائل لمّا سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأوّل وأنّ الثاني يُقتل ، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليّا رضى الله عنه وكانت قد سبقت بيعة علي ، فرأى هذا أنّ نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب عليّ ومنازعته ومقاتلته إيّاه من أكل المال بالباطل ، ومن قتل النفس ، لأنّه قتال بغير حقٍّ ، فلا يستحقّ أحد مالاً في مقاتلته.
وقال (ص ٤٠) في شرح قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ستكون خلفاء فتكثر». الحديث : معنى هذا الحديث : إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأوّل صحيحة يجب الوفاء بها ، وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ، ويحرم عليه طلبها ، وسواء عقدوا للثاني عالمين بعقد الأوّل أم جاهلين ، وسواء كانا في بلدين أو بلد ، أو أحدهما في بلد الإمام المنفصل والآخر في غيره ، هذا هو الصواب الذي عليه أصحابنا وجماهير العلماء ، وقيل : تكون لمن عقدت في بلد الإمام. وقيل : يقرع بينهم. وهذان فاسدان ، واتّفق العلماء على أنّه لا يجوز أن يعقد لخليفتين في عصر واحد سواء اتّسعت دار الإسلام أم لا ، وقال إمام الحرمين في كتابه الإرشاد (٢) : قال أصحابنا لا يجوز عقدها لشخصين ، قال : وعندي أنّه لا يجوز عقدها لاثنين في صقع واحد ، وهذا مجمع عليه ، قال : فإن بعد ما بين الإمامين وتخلّلت بينهما شسوع فللاحتمال فيه مجال ، وهو خارج عن القواطع. وحكى
__________________
(١) شرح صحيح مسلم : ١٢ / ٢٣٤ ، ٢٣١.
(٢) راجع الإرشاد : ص ٥٢٥ طبع مكتبة الخانجي [ص ٣٥٧]. (المؤلف)