وتخاف ما بعده ، وأمّا قولك : إنّه لو بايعني الناس استقمت (١) ، فقد بايع الناس عليّا وهو خير منّي فلم تستقم له (٢) ، وما أنت وذكر الخلافة يا معاوية؟ وإنّما أنت طليق وابن طليق ، والخلافة للمهاجرين الأوّلين ، وليس الطلقاء منها في شيء والسلام (٣). وفي لفظ ابن قتيبة : فما أنت والخلافة؟ وأنت طليق الإسلام ، وابن رأس الأحزاب ، وابن آكلة الأكباد من قتلى بدر.
وخطب معاوية بعد دخوله الكوفة وصلح الإمام السبط سلام الله عليه ، فقال : يا أهل الكوفة أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحجّ؟ وقد علمت أنّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون ، ولكنّني قاتلتكم لأتأمّر عليكم وعلى رقابكم ، وقد آتاني الله ذلك وأنتم كارهون ، ألا إنّ كلّ مال أو دم أصيب في هذه الفتنة فمطلول ، وكلّ شرط شرطته فتحت قدميّ هاتين. شرح ابن أبي الحديد (٤) (٤ / ٦) ، تاريخ ابن كثير (٥) (٨ / ١٣١) واللفظ للأوّل.
قال معروف بن خربوذ المكّي : بينا عبد الله بن عبّاس جالس في المسجد ونحن بين يديه ، إذ أقبل معاوية فجلس إليه فأعرض عنه ابن عبّاس ، فقال له معاوية : مالي أراك معرضاً؟ ألست تعلم أنّي أحقّ بهذا الأمر من ابن عمّك؟ قال : لم لأنّه كان مسلماً وكنت كافراً؟ قال : لا ، ولكنّي ابن عمّ عثمان. قال : فابن عمّي خير من ابن عمّك. قال : إنّ عثمان قُتل مظلوماً. قال : وعندهما ابن عمر ، فقال ابن عبّاس : فإنّ هذا والله أحقّ بالأمر منك. فقال معاوية : إنّ عمر قتله كافر وعثمان قتله مسلم. فقال ابن
__________________
(١) في شرح النهج : لو بايع الناس لي لاستقاموا.
(٢) في شرح النهج : فلم يستقيموا له.
(٣) الإمامة والسياسة : ١ / ٨٥ ، وفي طبعة ٩٦ [١ / ١٠٠] ، شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٢٨٩ [٨ / ٦٥ خطبة ١٢٤]. (المؤلف)
(٤) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٤ الأصل ٣١.
(٥) البداية والنهاية : ٨ / ١٤٠ حوادث سنة ٦٠ ه.