وقصارى القول أنّه ليس عند ابن حجر ومن سبقه إلى قوله أو لحقه به (١) ضابط للاجتهاد يتمّ طرده وعكسه ، وإنّما يُمطّط مع الشهوات والأهواء ، فيُعذّر به خالد بن الوليد في فجائع بني حنيفة ومالك بن نويرة ، شيخها الصالح وزعيمها المبرور ، وفضائحه من قتل الأبرياء ، والدخول على حليلة الموؤود غيلة وخدعة (٢).
ويُعذّر به ابن ملجم (٣) المرادي أشقى الآخرين بنصّ الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما انتهكه من حرمة الإسلام ، وقتل خليفة الحقّ وإمام الهدى في محراب طاعة الله ، الذي اكتنفته الفضائل والفواضل من شتّى نواحيه ، واحتفّت به النفسيّات الكريمة جمعاء ، وقد قال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قاله من كثير طيّب عداه الحصر ، وكبا عنه الاستقصاء ، وهو قبل هذه كلّها نفس النبيّ الطاهرة في الذكر الحكيم.
قال محمد بن جرير الطبري في التهذيب (٤) : أهل السير لا تدافع بينهم أنّ عليّا أمر بقتل قاتله قصاصاً ، ونهى أن يمثّل به ، ولا خلاف بين أحد من الأُمّة أنّ ابن ملجم قتل عليّا متأوّلاً ، مجتهداً ، مقدّراً على أنّه على صواب ، وفي ذلك يقول عمران بن حطّان :
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها |
|
إلاّ ليبلغَ من ذي العرش رضوانا |
إنّي أُفكّر فيه ثم أحسبُه |
|
أوفى البريّةِ عندَ اللهِ ميزانا |
سننن البيهقي (٥) (٨ / ٥٨ ، ٥٩).
ويبرّر به عمل أبي الغادية (٦) الفزاري قاتل عمّار ، الممدوح على لسان الله
__________________
(١) نظراء الشيخ علي القاري [١ / ٦٨٧] : والخفاجي في شرحي الشفا : ٣ / ١٦٦. (المؤلف)
(٢) راجع الجزء السابع : ص ١٥٦ ـ ١٦٨. (المؤلف)
(٣) راجع الجزء الأوّل : ص ٣٢٣. (المؤلف)
(٤) تهذيب الآثار : ص ٧١ ح ٦ من مسند علي عليهالسلام.
(٥) راجع الجواهر النقي المطبوع في هامش سنن البيهقي.
(٦) راجع الجزء الأول : ص ٣٢٨. (المؤلف)