عنها ، وخروجه عن حكم الكتاب ، ونبذه إيّاه وراء ظهره ، كما ذهب إليه مولانا أمير المؤمنين وأُمّة صالحة من الصحابة ، فالدعاء المزعوم له قد عدته الإجابة في كلّ ورد له وصدر.
وأما بعض الكتاب فما عسى أن يجديه نفعاً إن كان يؤمن ببعض ويكفر ببعض؟ ولو كان يعرف من الكتاب قوله تعالى : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) (١).
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢) وقوله تعالى : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٣) وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٤) أو كان يعرف شيئاً من أمثال هذه من كتاب الله ، لكان يعرف حدّه ولم يتعدّ طوره.
وممّا لا نشكّ فيه أنّ ابن حجر الذي يقول : لا شكّ أنّ دعاءه صلىاللهعليهوآلهوسلم مستجاب لا يؤوّل الرواية بأنّه أريد بها علم الكتاب لا العمل به ، وإن أبى الزاعم إلاّ ذلك ، فياهبلته الهبول.
وإنّا لا نعلم معنى الحساب وعلمه الذي جاء في هذه الرواية معطوفاً على الكتاب ، فإمّا أن يُراد به تطبيق أفعاله وتروكه على نواميس الشريعة المقرّرة ،
__________________
(١) الحجرات : ٩.
(٢) الرعد : ٢٥.
(٣) المائدة : ٣٣.
(٤) الأحزاب : ٥٨.