جهله ذاك حين طلّق امرأته وهو شابّ غضّ أيّام حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلاّ فكلّ من الخلفاء بالانتخاب الدستوري لم يكن عالماً بالأحكام من أوّل يومه إن غضضنا الطرف عن يوم تسنّمه عرش الخلافة ، وإلى أن أودع مقرّه الأخير ، وعمر نفسه كان في المسألة نفسها لدة ولده لم يك يعلم حكم ذلك الطلاق ، حتى سأل عمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «مُرْهُ فليُراجعها ، ثم ليتركها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعدُ وإن شاء طلّق» (١).
فالمانع عن الاستخلاف هو الجهل الحاضر ، وهذا من سوء حظّ ابن عمر يخصّ به ولا يعدوه.
وإنّي لست أدري أيّ مرتبة رابية من الجهل كان يحوزها ابن عمر حتى عرفه منه والده الذي يمتاز في المجتمع الدينيّ بنوادر الأثر (٢)؟ فمن رآه عمر جاهلاً لا يُقدّر مبلغه من الجهل!
وممّا يدلّنا على فقه الرجل ، أو على مبلغه من اتّباع الهوى وإحياء البدع ، أو على نبذه سنّة الله ورسوله وراء ظهره ، إتمامه الصلاة في السفر أربعاً مع الإمام ، وإعادته إيّاها في منزله قصراً كما في موطّأ مالك (٣) (١ / ١٢٦) تقريراً للبدعة التي أحدثها عثمان في شريعة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتّبعه في أُحدوثته رجال الشره والتره وحملة النزعات الأمويّة كابن عمر ، وأبناء البيت الأمويّ ، كما فصّلناه في الجزء الثامن (ص ١١٦). وأخرج أحمد في مسنده (٤) (٢ / ١٦) عنه قوله : صلّيت مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان صدراً من إمارته ، ثم أتمّ.
__________________
(١) صحيح مسلم : ٤ / ١٧٩ [٣ / ٢٧١ ح ١ كتاب الطلاق]. (المؤلف)
(٢) ذكرنا جملة منها في الجزء السادس : ص ٨٣ ـ ٣٢٥. (المؤلف)
(٣) موطّأ مالك : ١ / ١٤٩ ح ٢٠.
(٤) مسند أحمد : ٢ / ٨٦ ح ٤٦٣٨.