وقوله لأصحابة : «إنّ فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله» قال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله؟ قال : «لا». قال عمر : أنا هو يا رسول الله؟ قال : «لا ، ولكن خاصف النعل». وكان أعطى عليّا نعله يخصفها (١).
وقوله لعمّار بن ياسر : «تقتلك الفئة الباغية». وقد قتلته فئة معاوية.
وقول أبي أيّوب الأنصاري ، وأبي سعيد الخدري ، وعمّار بن ياسر : أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. قلنا : يا رسول الله أمرت بقتال هؤلاء مع من؟ قال : «مع عليّ بن أبي طالب».
إلى أحاديث أخرى ذكرناها في الجزء الثالث (ص ١٩٢ ـ ١٩٥) هب أنّ ابن عمر لم يكن يسمع شيئاً من هذه الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أوَما كان يسمع أيضاً ، أوَما كان يصدّق أُولئك الجمّ الغفير من البدريّين أعاظم الصحابة الأوّلين ، الذين حاربوا الناكثين والقاسطين وملء أسماعهم عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم ، وأمره إيّاهم بقتال أولئك الطوائف الخارجة على الإمام الحقّ الطاهر؟ فأيّ مين أعظم ممّا جاء به ابن عمر في كتاب له إلى معاوية من قوله : أحدث عليّ أمراً لم يكن إلينا فيه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد ، ففزعت إلى الوقوف. وقلت : إن كان هذا هدىً ففضل تركته ، وإن كان ضلالة فشرّ منه نجوت (٢)؟
وهل ابن عمر كان يخفى عليه هتاف الصادع الكريم : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ، ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض يوم القيامة»؟
أو قوله : «عليّ مع الحقّ والحقّ معه وعلى لسانه ، والحقّ يدور حيثما دار
__________________
(١) راجع : ٧ / ١٣١. (المؤلف)
(٢) الإمامة والسياسة : ١ / ٧٦ [١ / ٩٠] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٢٦٠ [٣ / ١١٣ خطبة ٤٣]. (المؤلف)