العروض وعامّة أهل الشام؟ فقال : والله لا أُبايعكم وأنتم واضعو سيوفكم على عواتقكم ، تصيب أيديكم من دماء المسلمين (١).
هلاّ كان ابن عمر ونصب عينيه ما كانت تصيبه أيدي الحجّاج وزبانيته من دماء المسلمين ، دماء أمّة كبيرة من عباد الله الصالحين ، دماء نفوس زكيّة من شيعة آل الله؟ فكيف ائتمّ به وبايعه؟ وبأيّ كتاب أم بأيّة سنّة ساغ له حنث يمينه يوم بايع ابن الزبير ومدّ يده إلى بيعته وهي ترجف من الضعف بعد ما بايعه رءوس الخوارج أعداء الإسلام ، المارقين من الدين : نافع بن الأزرق ، وعطية بن الأسود ، ونجدة بن عامر (٢)؟
ليتني أدري وقومي أفي شريعة الإسلام حكم للغلبة يركن إليه المسلم في الصلاة التي هي عماد الدين وأفضل أعمال أُمّة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ أو أنّ الائتمام في الجمعة والجماعة يدور مدار تحقّق البيعة وإجماع الأمّة ، وعدم النزاع بين الإمام وبين من خالفه من الخوارج عليه؟ أو أنّ هاتيك الأعذار ـ أعذار ابن عمر ـ أحلام نائم وأمانيّ كاذبة لا طائل تحتها؟ أنظر إلى ضئولة عقل ابن عمر يحسب أنّ الأمّة تتلقّى خزعبلاته بالقبول ، وتراه بها معذوراً في طامّاته ، ذاهلاً عن أنّ هذه المعاذير أكثر معرّة من بوادره ، والإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.
كان الرجل يصلّي مع الحجّاج بمكة كما قاله ابن سعد (٣) ، وقال ابن حزم في المحلّى (٤ / ٢١٣) : كان ابن عمر يصلّي خلف الحجّاج ونجدة (٤) ، وكان أحدهما
__________________
(١) سنن البيهقي : ٨ / ١٩٢. (المؤلف)
(٢) سنن البيهقي : ٨ / ١٩٣. (المؤلف)
(٣) الطبقات الكبرى : ٤ / ١١٠ [٤ / ١٤٩]. (المؤلف)
(٤) نجدة بن عامر ـ عمير ـ اليماني من رءوس الخوارج زائغ عن الحق ، خرج باليمامة عقب موت يزيد ابن معاوية ، وقدم مكة ، وله مقالات معروفة ، وأتباع انقرضوا ، قتل في سنة سبعين. لسان الميزان : ٦ / ١٤٨ [٦ / ١٧٧ رقم ٨٧٥٧]. (المؤلف)