خارجيّا ، والثاني أفسق البريّة. وذكره أبو البركات في بدائع الصنائع (١ / ١٥٦).
أليس أحقّ الناس بالإمامة أقرأهم لكتاب الله وأعلمهم بالسنّة؟ أليس من السنّة الصحيحة الثابتة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يؤمّ القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة ، فإن كانوا في السنّة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سلماً؟» (١).
أم لم يكن منها قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن سرّكم أنْ تُقْبَل صلاتكم فليؤمّكم خياركم ، فإنّهم وفدكم فيما بينكم وبين ربّكم» (٢)؟
أو لم يكن يسرّ ابن عمر أن تُقبل صلاته؟ أم كان يروقه من صلاة الحجّاج أنّه وخطباءه كانوا يلعنون عليّا وابن الزبير (٣)؟ أم كان يعلم أنّ الصلاة وغيرها من القربات لا تنجع لأيّ مسلم إلاّ بالولاية لسيّد العترة ـ سلام الله عليه ـ (٤) ، وابن عمر على نفسه بصيرة ، ويراه فاقداً إيّاها ، بعيداً عنها ، فائتمامه عندئذ بالإمام العادل أو الجائر المستهتر سواسية؟
إن كان الرجل يجد الغلبة ملاك الائتمام فهلاّ ائتمّ بمولانا أمير المؤمنين عليهالسلام وكان هو الغالب في وقعة الجمل ويوم النهروان؟ ولم يكن في صفّين مغلوباً ، وإنّما لعب ابن العاصي فيها بخديعته ، فالتبس الأمر على الأغرار ، لكنّ أهل البصائر عرفوها فلم يتزحزحوا عن معتقدهم طرفة عين ، وقبل هذه الحروب انعقدت البيعة بخليفة الحقّ من غير معارض ولا مزاحم حتى يتبيّن فيه الغالب من المغلوب ، فكان إمام العدل عليهالسلام
__________________
(١) صحيح مسلم : ٢ / ١٣٣ [٢ / ١١٩ ح ٢٩٠ كتاب المساجد] ، صحيح الترمذي : ٦ / ٣٤ [١ / ٤٥٩ ح ٢٣٥] ، سنن أبي داود : ١ / ٩٦ [١ / ١٥٩ ح ٥٨٢ ، ٥٨٤]. (المؤلف)
(٢) نصب الراية : ٢٦ / ٢. (المؤلف)
(٣) راجع المحلّى لابن حزم : ٥ / ٦٤ [مسألة ٥٢٨]. (المؤلف)
(٤) راجع الجزء الثاني : ص ٣٠١. (المؤلف)