واختلف المفسّرون في معنى كلمة «ذكركم» في الآية آنفة الذكر ، وذكروا لها تفاسير مختلفة.
فذهب بعضهم : إنّ المراد هو أنّ آيات القرآن منبع الوعي والتذكّر بين أفراد المجتمع ، كما يقول القرآن في موضع آخر : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (١).
وقال آخرون : إنّ المراد أنّ هذا القرآن سيرفع اسمكم ومكانتكم في الدنيا ، أي إنّه أساس عزّكم وشرفكم أيّها المؤمنون والمسلمون ، أو أنتم أيّها العرب الذين نزل القرآن بلسانكم ، وإذا أخذ منكم فسوف لا يكون لكم اسم ولا رسم في العالم.
والبعض الآخر قالوا : إنّ المقصود هو أنّه قد ذكر في هذا القرآن كلّ ما تحتاجون إليه في أمور الدين والدنيا ، أو في مجال مكارم الأخلاق.
وبالرغم من أنّ هذه التفاسير لا ينافي بعضها بعضا ، ويمكن أن تكون مجتمعة في تعبير «ذكركم» ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل يبدو هو الأظهر.
فإن قيل : كيف يكون هذا القرآن أساس الوعي واليقظة ، في حين أنّ كثيرا من المشركين قد سمعوه فلم ينتبهوا؟
قلنا : إنّ كون القرآن موقظا ومنبّها لا يعني إجباره الناس على هذا الوعي ، بل إنّ الوعي مشروط بأن يريد الإنسان ويصمّم ، وأن يفتح نوافذ قلبه أمام القرآن.
* * *
__________________
(١) سورة ق ، ٤٥.